حذّر رئيس أركان الجيوش الفرنسية، الجنرال فابيان ماندون، من ضرورة استعداد فرنسا لـ«تضحيات صعبة» في حال وقوع مواجهة عسكرية واسعة في أوروبا، مؤكداً أن البلاد يجب أن تهيئ مجتمعها قبل جيشها لاحتمال «مرحلة قد تكون شديدة القسوة» خلال السنوات القليلة المقبلة.
وجاءت تصريحات ماندون خلال اجتماع رسمي ضم رؤساء البلديات الفرنسية، حيث دعا إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي إزاء المخاطر المتصاعدة، مشدداً على أنّ المعركة المستقبلية إذا وقعت ستتطلب جهوزية نفسية ومجتمعية إضافة إلى الجهوزية العسكرية.
وقال ماندون في كلمته:
«على فرنسا أن تستعدّ لمعاناة قد تطال الجميع… وأن تكون جاهزة لاحتمال خسارة أبنائها إذا اندلع صراع كبير في أوروبا».
تقييم عسكري: احتمال مواجهة قبل عام 2030
الجنرال الفرنسي أوضح أنّ القراءة الاستراتيجية لأجهزة الدفاع تشير إلى أنّ روسيا تعمل على إعادة تنظيم قدراتها القتالية بهدف الاستعداد لمواجهة محتملة مع دول حلف الناتو، وهو ما يفرض على فرنسا حسب تعبيره الإسراع في تعزيز جاهزيتها الدفاعية وتحديث قدراتها العملياتية.
وأشار إلى أنّ «الصدمة العسكرية» قد تأتي خلال ثلاثة إلى أربعة أعوام، داعياً إلى “تسريع وتيرة التحضير الوطني لمواجهة أي سيناريو غير متوقّع”.
ردود فعل سياسية واسعة داخل فرنسا
أحدثت تصريحات ماندون صدى كبيراً في الساحة السياسية الفرنسية:
• أحزاب اليسار وصفت التصريحات بأنها “تهويل غير مبرر”.
• اليمين المحافظ اعتبرها “تحذيرات ضرورية” لكنها “تدخل في نطاق السياسة العامة”.
• الحكومة الفرنسية قلّلت من الجدل، مؤكدة أن المؤسسة العسكرية “تقدم تقييماتها وفق المعطيات الدولية وتطورات البيئة الإستراتيجية”.
تحليل عام
يرى مراقبون أن تصريحات قائد الجيوش تمثّل تحولاً لافتاً في الخطاب العسكري الفرنسي، يعكس إدراكاً متزايداً داخل باريس بأن أوروبا دخلت مرحلة توتر استراتيجي مرتفع، وأن فرنسا، كقوة نووية وعضو أساسي في الناتو، قد تجد نفسها في قلب أي مواجهة كبرى.
كما تأتي التصريحات بالتزامن مع زيادة الإنفاق العسكري الفرنسي وتحديث منظومات الردع والفضاء والأمن السيبراني، في إطار خطة دفاعية تعتبرها باريس “ضرورية لحماية أوروبا في العقد المقبل”.
