استقالة رئيس وزراء اليابان من منصبه

أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، أطول رئيس للوزراء بقاء في سدة الحكم بالبلاد، استقالته أمس الجمعة لدواع صحية، منهيا اضطلاعه بمهام قيادة ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد أن سعى لإنعاش نموه وتعزيز دفاعاته.
وقال آبي (65 عاما) في مؤتمر صحفي “قررت أن أستقيل من رئاسة الوزراء لأنني أعتقد أنه ليس بوسعي الاستمرار في المنصب ما لم تكن لدي ثقة في قدرتي على أداء مهام الوظيفة التي أوكلها لي الشعب”.
وأضاف أنه قرر الاستقالة الآن لتجنب حدوث فراغ في السلطة في وقت تتأقلم فيه البلاد مع تداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد.
وقال “أعتذر من أعماق قلبي لأنني، رغم كل الدعم من الشعب الياباني، سأترك المنصب قبل انتهاء فترة ولايتي بعام كامل”.
وتلك هي المرة الثانية التي يستقيل فيها آبي بسبب حالته الصحية، إذ أنه استقال من المنصب في 2007 بعد أن أمضى عاما واحدا فيه ولأسباب صحية أيضا.
ويعاني آبي مرض التهاب القولون التقرحي منذ سنوات، وأثار تردده على المستشفى مرتين في غضون أسبوع واحد في الآونة الأخيرة تساؤلات حول ما إذا كان بإمكانه البقاء في المنصب حتى نهاية فترة ولايته زعيما للحزب الحاكم ورئيسا للوزراء في سبتمبر أيلول 2021.
وعبرت حكومات مختلفة عن الأسف لاستقالة آبي.
ففي موسكو قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الكرملين يأسف للاستقالة، واصفا علاقات العمل بين آبي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها ”رائعة“.
كما أبدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أسفها لاستقالة آبي وقالت للصحفيين ”أأسف لاستقالته وأتمنى له كل الخير… عملنا معا على خير وجه“.
وأشاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بسجل آبي وكتب على تويتر ”شينزو آبي حقق أشياء عظيمة خلال رئاسة حكومة اليابان، لبلده وللعالم“.
وأضاف ”خلال قيادته، انتقلت العلاقة بين المملكة المتحدة واليابان من قوة إلى قوة في التجارة والدفاع وفي روابطنا الثقافية. شكرا لكل ما قدمته خلال سنوات الخدمة وأتمنى لكم الصحة“.
وعبّرت أيضا كوريا الجنوبية عن أسفها وقالت إن آبي لعب دورا قويا في العلاقات الثنائية بين البلدين. وأضاف المتحدث باسم البيت الأزرق الرئاسي كانج مين-سوك في بيان إن بلاده ستواصل التعاون مع قائد اليابان الجديد ومجلس الوزراء لتحسين العلاقات بين البلدين بصورة أكبر.
ومع انتشار نبأ الاستقالة، انخفض مؤشر نيكي القياسي في بورصة طوكيو للأوراق المالية بنسبة 2.12 في المئة مسجلا 22717.02 نقطة، في حين انخفض مؤشر توبكس الأوسع بنسبة 1.00 في المئة إلى 1599.70 نقطة. وتسببت عمليات البيع في خفض بمقدار 47 مليار دولار بالقيمة السوقية للأسهم المدرجة في بورصة طوكيو والتي تبلغ 5.7 تريليون دولار والتي تضاعفت قيمتها خلال ولاية آبي.
وتطلق استقالة آبي سباقا على القيادة داخل الحزب الديمقراطي الليبرالي وسيتعين انتخاب من يفوز فيه رسميا في البرلمان. وسيقود الزعيم الجديد للحزب الحاكم البلاد رئيسا للوزراء لما تبقى من ولاية آبي.
وذكرت وسائل إعلام أن وزير الدفاع السابق شيجيرو ايشيبا ووزير الخارجية السابق فوميو كيشيدا أبديا اهتماما بشغل المنصب. ومن بين الأسماء الأخرى المطروحة مستشار آبي المقرب كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا.
وكسر آبي يوم الاثنين رقما قياسيا لأطول فترة متتالية في منصب رئيس الوزراء والذي كان يحمله عمه الأكبر إيساكو ساتو قبل نصف قرن.
وتأتي استقالة آبي في وقت تتسم فيه الأجواء الجيوسياسية بالغموض وسط تنامي المواجهة بين الولايات المتحدة والصين وقبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر تشرين الثاني.
وعاد آبي المحافظ رئيسا للوزراء لفترة ولاية ثانية نادرة في ديسمبر كانون الأول 2012، متعهدا بإنعاش النمو بمزيج من سياسة نقدية يسيرة وإنفاق مالي وإصلاحات. كما تعهد بتعزيز دفاعات اليابان وكان يريد مراجعة دستور البلاد السلمي.
وتعرض آبي لانتقادات بسبب أسلوب تعامله مع جائحة الكورونا وفضائح بين أعضاء الحزب، وشهد مؤخرا انخفاض مستوى التأييد له إلى أحد أدنى المستويات خلال ما يقرب من ثماني سنوات في المنصب.
ولم تشهد اليابان مستويات الزيادة الكبيرة في حالات الإصابة بالفيروس التي شهدتها بلدان أخرى لكن آبي واجه انتقادات بسبب التخبط في إدارة الأزمة في مهدها وما يصفه البعض بأنه افتقار للقيادة مع انتشار العدوى.
وتمكن آبي من الوفاء بتعهداته بتعزيز دفاع البلاد وزاد من الإنفاق العسكري بعد تراجعه لأعوام ووسع من قدرات اليابان على استعراض النفوذ في الخارج.