في ذكرى رحيله العاشرة.. صفحات مشرقة من عطاء الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله

تحل غدا الأحد الذكرى العاشرة لرحيل سمو الأمير الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه، والذي وافاه الأجل في 13 مايو عام 2008 مخلفا سجلا حافلا ومسيرة عطاء زاخرة في بناء دولة الكويت الحديثة.

ويدون تاريخ الكويت في هذه الذكرى صفحات مشرقة من عطاء الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله رحمه الله منذ اللحظات الأولى لاستقلال دولة الكويت إذ شارك في لجنة صياغة الدستور وواكب مسيرة النهضة الحديثة من خلال دوره المشهود في صناعة القرار السياسي في مجالي الأمن والدفاع.

وولد المغفور له باذن الله الشيخ سعد العبدالله عام 1930 وتلقى علومه في المدرسة المباركية وعين عام 1949 في دائرة الشرطة العامة ونظرا إلى كفاءته تم إيفاده إلى المملكة المتحدة لدراسة علوم الشرطة في كلية (ساند هيرست) العسكرية ومكث فيها أربع سنوات قبل أن يعود عام 1954 متخرجا برتبة ضابط.

والشيخ سعد العبدالله السالم الصباح هو الابن الأكبر للأمير الراحل المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي يعرف بأنه (أبو الاستقلال والدستور) الحاكم ال 14 للكويت.

وقد أسندت إلى الشيخ سعد العبدالله ولاية العهد طوال فترة تولي الأمير الراحل المغفور له باذن الله الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح مسند الإمارة منذ عام 1978 وحتى عام 2006 بعد أن تدرج في العديد من المناصب العسكرية والسياسية في البلاد أثبت خلالها قدراته ومدى حبه وإخلاصه لوطنه الكويت.

وتدرج الشيخ سعد العبدالله رحمه الله في تولي المناصب القيادية في الدولة إذ شغل منصب أول وزير للداخلية في 17 يناير عام 1962 في أول تشكيل وزاري بعد الدستور. ثم تولى طيب الله ثراه منصب وزير الدفاع عام 1964 ليجمع بين المنصبين وشكل المجلس الأعلى للدفاع وظل رئيسا للسلطة التنفيذية مدة 25 سنة إذ تسلم رئاسة الحكومة في الفترة من 16 فبراير 1978 حتى 13 يوليو 2003 شكل خلالها عشر حكومات متعاقبة.

وفي 31 يناير عام 1978 أسند الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رحمه الله ولاية العهد إلى الشيخ سعد العبد الله ثم صدر بعدها بأيام قليلة أمر أميري بتعيينه رئيسا لمجلس الوزراء ليبدأ تشكيل أول وزارة يرأسها سموه في فبراير 1978.

وترك الشيخ سعد العبد الله بصمات واضحة خلال توليه منصب ولاية العهد ورئاسة الحكومة من خلال التشريعات والقوانين الخاصة ببرامج الرعاية الإسكانية وتنمية العمالة الوطنية والنهضة العمرانية والاقتصادية.

وأيضا عمل رحمه الله على زيادة الخدمات المقدمة للمواطنين من جميع الجهات فضلا عن عنايته الخاصة بدعم مؤسسات البحث العلمي والشؤون الثقافية والإعلام.

ويذكر التاريخ أن الراحل الشيخ سعد العبدالله كان رجل مواقف وصاحب قرار مدركا مسؤولية القيادة من خلال مجمل الأحداث التي مرت بها دولة الكويت لاسيما بعد الاستقلال.

ومن أبرز تلك المواقف المشرفة التي سجلها التاريخ حين تعرضت الكويت عام 1961 لتهديدات حاكم العراق آنذاك عبدالكريم قاسم واحتشدت جموع الكويتيين حول أمير البلاد حينها المغفور له الشيخ عبدالله السالم وفي مقدمتهم الشيخ سعد العبدالله الذي كان حاضرا في جميع المهمات لاسيما أن أمن الدولة كان يقع ضمن مسؤوليات منصبه كرئيس لدائرة الشرطة والأمن العام حينها.

ولا يمكن لأهل الكويت نسيان الدور الكبير الذي قام به الراحل في الثاني من أغسطس عام 1990 عندما تعرض الوطن لأقسى محنة مرت عليه أي الغزو العراقي للكويت مستهدفا قيادتها وشرعيتها ممثلة بالأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رحمه الله فكان الشيخ سعدالعبدالله الدرع الحصينة لحماية أخيه أمير البلاد وصاحب فكرة خروجه من الكويت إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة لتبقى الشرعية وبالتالي تبقى البلاد.

ومنذ اللحظات الأولى للغزو العراقي حشد الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله طاقاته وقدراته كافة وعلى جميع المستويات الداخلية والخارجية لحشد الشرعية الدولية من أجل تحقيق النصر وعودة الكويت إلى أهلها حرة أبية فلم يكن مستغربا أن يطلق لقب (بطل التحرير) على سموه رحمه الله لدوره البارز في تحرير الكويت من الغزو العراقي.

وقام الراحل طيب الله ثراه طوال أشهر الاحتلال السبعة بزيارات مكوكية إلى العديد من الدول الخليجية والعربية والأجنبية حتى استطاع أن يشكل تحالفا عالميا غير مسبوق لنصرة الحق الكويتي ودعم شرعيته.

وبالتزامن مع تشكيل التحالف العالمي عمل الراحل على دعم أهل الكويت الصامدين في الداخل معنويا وماديا فكانت خطاباته الموجهة إليهم تبث الحماس والأمل في قلوب أهل الكويت إلى جانب حرصه على إيصال المؤن والأموال إلى المواطنين في الداخل طوال فترة الاحتلال ليكونوا قادرين على الصمود في وجه العدوان.

وأيضا ترأس الشيخ سعد العبدالله طيب الله ثراه المؤتمر الشعبي الذي انعقد في مدينة جدة السعودية خلال الفترة من 13 إلى 15 أكتوبر عام 1990 حيث تبلورت فكرة المؤتمر لديه بعد زيارته المملكة المتحدة ولقائه عددا من الكويتيين في لندن في شهر سبتمبر من العام ذاته.

وقد شرع الراحل طيب الله ثراه بعد العودة الى الطائف (مقر الحكومة الكويتية المؤقتة) في التحضير لأعمال المؤتمر الذي شاركت في فعالياته أكثر من 1200 شخصية كويتية تمثل مختلف القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وحينها ألقى الشيخ سعدالعبدالله رحمه الله في افتتاح مؤتمر جدة كلمة مؤثرة كانت صرخة مدوية أطلقها أمام العالم بمختلف أدواته الإعلامية التي تغطي المؤتمر مفادها بأن الكويت التي تعرضت لعدوان غادر سوف تعود كما كانت حرة مستقلة أبية بجهود أبنائها الذين هم على استعداد لبذل الغالي والنفيس من أجلها.

وبالفعل تحققت وعود الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله وعادت إلى الكويت حريتها وشرعيتها في 26 فبراير عام 1991 وتم تعيينه رحمه الله حاكما عرفيا على البلاد حتى يتولى عملية ضبط الأمن وعودة الحياة إلى مرافق الدولة في الأشهر الأولى من التحرير.

وبعد انتهاء فترة الحكم العرفي وعودة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح إلى البلاد بدأ الشيخ سعد العبدالله مرحلة الإشراف على عملية إعادة الإعمار إذ عمل على سرعة إعادة الخدمات والمرافق وتوفير المواد التموينية وتنفيذ خطة إعادة الإعمار الطارئة والتعامل مع مشكلة إطفاء آبار النفط البالغ عددها 732 بئرا والتي أشعلها النظام العراقي قبل انسحابه وإزالة الألغام والمتفجرات التي زرعها على امتداد أرض الكويت.

كما أولى الشيخ سعد العبدالله طيب الله ثراه قضية الأسرى اهتماما خاصا لأنها قضية الكويت الإنسانية الأولى وكثف الجهود على جميع الصعد من أجل إطلاق سراحهم إضافة إلى رعايته السامية لأهالي الأسرى والشهداء.

وستبقى ذكرى هذا الرجل العظيم ماثلة في أذهان أهل الكويت التي أحبها وأحبته وبذل من أجل شعبها الغالي والنفيس فبادله الكويتيون الحب والوفاء والتقدير والعرفان.


  • في ذكرى رحيله العاشرة.. صفحات مشرقة من عطاء الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله

  • في ذكرى رحيله العاشرة.. صفحات مشرقة من عطاء الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله


  • في ذكرى رحيله العاشرة.. صفحات مشرقة من عطاء الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله

  • في ذكرى رحيله العاشرة.. صفحات مشرقة من عطاء الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله


  • في ذكرى رحيله العاشرة.. صفحات مشرقة من عطاء الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله