رئيس مجلس الإدارة

يوسف سلطان الماجد

المدير التنفيذي

سلطان يوسف الماجد

رقم الترخيص/ 156-2017

«الشال»: الإتاوات على ضعاف الوافدين جعلت من الاتجار بالبشر مصدراً للثروة!

أشار تقرير شركة الشال للاستشارات إلى أن بعض السياسيين يتناولون تركيبة السكان في الكويت بشكل إقصائي وخاطئ وخطر.

ولفت تقرير «الشال» إلى أن «السياسيين اخضعوا تصنيفات بغيضة، مثل محاكمة معدلات النمو السكاني للكويتيين بالذهاب أكثر من 50 سنة في التاريخ بنية التشكيك في هويتهم، وتقسيمهم إلى بادية وحاضرة، وسنة وشيعة»، مبيناً أن كلها طروحات مزقت دولاً في أمثلة حاضرة أمامنا.

وأكد أن هناك خللاً في التركيبة السكانية، وهو خلل كمي، وأخطر ما فيه هو الخلل النوعي، وهو خلل هيكلي قديم، ناتج عن سياسات خاطئة، وطُرح حينها متزامناً مع خلل نتج عن هيمنة النفط إنتاجياً ومالياً على قدر الاقتصاد المحلي.

ورأى أن تلك الاختلالات لا ذنب للوافد فيها، فطلب الرزق أمر مشروع، مارسه الكويتيون عندما كانت مواردهم شحيحة، سواء في هجراتهم صيفاً وشتاءً عن طريق البحر، أو ترحالهم في الصحارى أينما وجد الماء والكلأ.

وذكر أن الأرقام قاطعة في أن العامل الأهم المؤثر في النمو السكاني للوافدين هو السياسات المالية التوسعية، وهي سياسات عامة خاطئة، اتخذتها السلطات، فزيادة النفقات العامة 5 أضعاف ما كانت عليه بين عامي 2000 و2013، تسببت في مضاعفة عدد السكان مرتين تقريباً، وحققت أهدافاً معاكسة لأي مشروع تنموي حقيقي.

وأضاف التقرير أن «ذلك حدث رغم تحذير متكرر ومسبق، داخلي وخارجي، لسلطات اتخاذ القرار، بأنها سياسات غير مستدامة»، مبيناً أن التساهل الكبير مع الفساد ورخاوة القوانين، فاقم انحرافه، والتي خلقت من الاتجار بالبشر مصدر ثروة، وجاءت من حصيلة فرض الإتاوات على ضعاف الوافدين.

ولفت تقرير «الشال» إلى إن كان لابدّ من غضب وعقاب، فليكن أولاً من نصيب راسمي السياسات الخاطئة، وللفاسدين المتاجرين بالبشر.

وبيّن أنه قبل بضعة أسابيع، نشرت «انترنيشنز» تصنيفها السنوي للدول المستقبلة للوافدين، وجاءت البحرين على رأس قائمة الدول الودودة لهم، وجاءت الكويت ضمن أسوأ 10 دول على مستوى العالم في العداء لهم، أي من أكثر الدول تشدداً ضدهم، وذلك أمر غير طيب، وليس ذلك هو الوجه الحقيقي لناسها.

وأشار التقرير إلى أن التكسّب في العمل السياسي، أمر متكرر الحدوث، ولكن، هناك سقف أدنى لابدّ من احترامه، وفي سياسات الإقصاء ما بين الكويتيين أنفسهم، أو مع الوافدين، ما يتسبب في عملية تدمير ذاتي، لابدّ من موقف منها.

ولفت إلى أن ما يضاعف من فداحة آثارها، حكومة ضعيفة، لا رؤية ولا موقف لها، تتحرك مغيرة اتجاهاتها مع كل نفحة ريح، أي مع أي تهديد أو نقد، حتى لو كان مجرد جملة في مدونات التواصل الاجتماعي.

ورأى تقرير «الشال» أن النتيجة الحتمية لمثل هذه المواقف المتعصبة، لن تؤدي قطعاً إلى تعديل كمي يذكر في التركيبة السكانية غير تلك الناتجة عن انخفاض إيرادات النفط، وستسوء كثيراً تلك التركيبة من ناحية النوعية، لأن المؤهل والقادر من الوافدين، سيبحث عن بيئة أكثر وداً، بينما تبقى وتتكاثر العمالة الهامشية مهما بلغت الضغوط.

وبيّن «الشال» أنه في عام 1985، هبط عدد السكان الكويتيين بنسبة 17.4 في المئة، مقارنة بعددهم في عام 1980، لأن الحكومة قررت حينها عدم احتساب فئة غير محددي الجنسية ضمنهم، وفي نفس العام، تبنت الحكومة خطة خمسية، هدفها الأساسي تعديل التركيبة السكانية بهدف موازنة السكان بنسبة 50 في المئة لكل من الكويتيين وغيرهم.

وأضاف أن نسبة السكان الكويتيين كانت في نهاية عام 1985 بحدود 27.7 في المئة، وكانت الكويت تعاني من هبوط حاد في إنتاج وأسعار النفط، وتعاني من تداعيات أزمة المناخ، وتعاني من اشتداد خطر الحرب العراقية – الإيرانية حيث تم في فبراير 1986 احتلال شبه جزيرة الفاو.

وأوضح أن تلك الظروف على شدة سوئها، كانت تدعم هدف الخطة الخمسية بموازنة السكان، لأن الوضع الأمني والاقتصادي طارد للسكان، ورغم ذلك، انخفضت مساهمة الكويتيين في السكان إلى 26.9 في المئة لظروف سياسية كانت سائدة في الكويت بحلول عام 1990، عام نهاية الخطة الخُمسية.

ولفت إلى أنه في أغسطس عام 1990، حدث الغزو، وأُفرغت الكويت من معظم سكانها، ونظرياً تحقق ما هو أفضل من هدف الحكومة، وبعد التحرير، أعلنت الحكومة الكويتية بأنها لن تسمح بأقل من موازنة السكان، حينها كان الكويتيون الأكثر عدداً، ومع نهاية عام 1993، أي بعد أقل من 3 سنوات بعد التحرير، بلغت نسبة مساهمة الكويتيين في السكان نحو 40 في المئة. وتابع التقرير أنه في عام 1998، هبطت نسبة مساهمة الكويتيين في السكان إلى نحو 34.6 في المئة، ولكن أزمة نمور آسيا وتدهور أسعار النفط، تسببا في انخفاض نمو الوافدين من السكان في الكويت في عام 1999 و2000 بنسبة 2.8 و4.7 في المئة على التوالي، وخلال العامين، ارتفعت نسبة مساهمة الكويتيين إلى 36 في المئة في عام 1999 ثم إلى 38 في المئة في عام 2000.

وذكّر التقرير أن قضية الاختلال في التركيبة السكانية مطروحة منذ سبعينات القرن الفائت، ولكن، كل السياسات العامة كانت تتسبب في تحقيق عكس المعلن من الأهداف، وذلك تكرر مع بدء ارتفاع أسعار النفط بداية القرن الحالي، حيث أنه بعد النمو السالب للسكان الوافدين في عامي 1999 و2000 كما أسلفنا، تسبب الانفلات المالي منذ عام 2001 وما بعد، في ارتفاع كبير مع معدلات نمو السكان الوافدين.

وأفاد أنه بلغ معدل نمو الوافدين للسنوات من 2001 وحتى 2003 نحو 5.6 في المئة سنوياً، ليرتفع إلى معدل 9.7 في المئة للسنوات 2004 وحتى 2007، ثم ليهبط إلى معدل 1.8 في المئة من 2008 وحتى 2011 بسبب أزمة العالم المالية، ليعاود الارتفاع إلى 4.1 في المئة مع زيادة أسعار النفط من 2012 وحتى 2016.

وأكد أن ذلك يعني، أن اتساع هوة الخلل السكاني ما هو سوى متغير تابع للتغير في السياسات المالية، ويدعمه التسامح مع تجارة البشر، أما الوافد، فحاله حال المواطن، ضحية مثل تلك السياسات التنموية البائسة. وأوضح التقرير أنه بما أن تأثير السياسات المالية على النمو السكاني لا يتحقق سوى بعد فترة سماح، فمن المتوقع حالياً أن يبدأ نمو السكان الوافدين بالانحسار في السنوات القليلة المقبلة، ومن دون جهد يذكر، أسوة لما حدث في عامي 1999 و2000، وما حدث بعد أزمة عام 2008.

وذكر أن المتوافر من الأرقام، ومصدرها الهيئة العامة للمعلومات المدنية، يشير إلى أن انحسار ذلك النمو قد بدأ، فقد بلغ معدل نمو السكان غير الكويتيين للنصف الأول من عام 2017، نحو 0.4 في المئة فقط، وهو الأدنى منذ بداية الألفية الحالية، بينما بلغ نمو السكان الكويتيين لنفس الفترة 1.1 في المئة، أو نحو 3 أضعاف نمو غيرهم. وأضاف أنه بمعنى آخر، فإن المتغيرات الخارجة عن قدرتنا على التأثير، ستعمل على زيادة نسبة مساهمة الكويتيين في السكان، ولا حاجة للشعارات الاقصائية لبدء تعديل التركيبة، بينما يظل خطر ذلك الخطاب الاقصائي على ما هو أهم، وهو تعميق الخلل النوعي في تلك التركيبة.

وأوضح «الشال» أن الخلل النوعي أهم من الخلل الكمي، فعندما تكون السياسات العامة حصيفة، تصبح نوعية السكان متفوقة بمهارات عالية، ذلك كان ولا يزال حال سنغافورة مثلاً، ولكنه بالتأكيد ليس وضع التركيبة السكانية في الكويت.

وأضاف أن الخلل النوعي في التركيبة السكانية في الكويت، يشمل ضعف المستوى التعليمي والحرفي، ويشمل التوزيع بين الجنسين، والتوزيع بين الجنسيات، والتوزيع بين مواقع العمل (قطاع عام وقطاع خاص)، إلى جانب اتساع كبير في قاعدة الهرم السكاني، الصغار، للكويتيين.

وأفاد التقرير أن إحصاءات الهيئة العامة للمعلومات المدنية الصادرة تشير إلى أن هناك نحو 130 ألف أمي في جملة السكان الذين تبلغ أعمارهم 10 سنوات وأكثر، و1.012 مليون فرد، أي نحو ربع إجمالي السكان يقرؤون ويكتبون فقط، أي من دون مؤهلات تعليمية، و378 ألف فرد بمؤهل ابتدائي.

وأكد أن ذلك يعني أن نحو 1.520 مليون نسمة من السكان البالغة أعمارهم 10 سنوات وأكثر، مؤهلاتهم لا تتعدى الابتدائية، ونسبهم من جملة السكان أكثر من 10 سنوات نحو 40 في المئة، وذلك خلل سببه تواضع متطلبات العمل، وهي من تداعيات فشل السياسات العامة في البلد.

وأشار إلى أن ذلك الرقم قد يكون أكبر، فضمن الإحصاءات المنشورة، هناك نحو 400 ألف فرد، أو نحو 9 في المئة من إجمالي عدد السكان، من غير المعروف مستوى تعليمه، وفي إهمال التصنيف التعليمي دليل آخر على ضعف كبير في قاعدة الإحصاءات التي هي زاد العالم المعاصر للتخطيط لمشروعات تنميته.

وذكر أنه في المقابل، فإن هناك ضمن السكان نحو 293 ألفاً من حملة الشهادات الجامعية، ونحو 11.8 ألف من حملة الشهادات فوق الجامعية، يصاحبها ندرة في عدد ومستوى الأبحاث والإبداع، وذلك دليل على ضعف مستوى التعليم من جانب، وعلى وفرة الشهادات المضروبة من جانب آخر، وهو خلل نوعي آخر.

ولفت التقرير إلى أن الخلل النوعي قائم أيضاً وفقاً للجنس، فضمن السكان الوافدين البالغ عددهم 3.086 مليون نسمة، يبلغ عدد الرجال ضمنهم نحو 2.11 مليون، أي أن نسبتهم إلى المجموع تبلغ 68.4 في المئة، أي أنه مجتمع عزاب، موضحاً أن توزيع السكان الوافدين وفقاً لمجموعات الجنسية يضع مجموعتان لكل منهم 40.2 و27.4 في المئة من جملة السكان الوافدين، أو لهم مجتمعين نحو ثلثي عدد الوافدين.

وبيّن تقرير «الشال» أن الخلل النوعي بكل مكوناته أمر كان من الممكن تجنبه بالحد الأدنى من التخطيط السكاني، وذلك لم يحدث ولا يحدث ما لم تكن للدولة أهداف تنموية رشيدة ومعلنة، تعنى بنوعية الوظيفة، وتعنى بمخاطر الخلل المحتملة، وتسبقها في التحكم بالكم والكيف، كما هو حال السويسريين مثلاً. وأضاف أن كل ما حدث قبل الاحتلال، ورغم بناء وتبني خطة تنموية في عام 1985 هدفها الرئيس تعديل خلل التركيبة السكانية، ورغم ما أتاحه الاحتلال من فرصة لإعادة إصلاح التركيبة، كانت وما زالت السياسات العامة تعمل مناقضة للأهداف السكانية المعلنة، لافتاً إلى أنه يضاف إليها وجود نحو 450 ألف كويتي دون سن العشرين، وهم قادمون إلى سوق العمل في اقتصاد لا علاقة للتعليم بسوقه، وعاجز تماماً عن خلق فرص عمل حقيقية. وأشار التقرير إلى أن خلل ميزان العمالة أعمق وأخطر من خلل التركيبة السكانية، فهو خلل أصاب العمالة المواطنة، بما يجعله أكبر هموم المستقبل، وهو خلل رغم اتساعه، لا يسمح معامل الإحلال ما بين العمالة المواطنة وتلك الوافدة بتعديله، لأنه غير مرن، نتيجة لاختلاف جوهري في نوعية الأعمال وأجورها.

وأوضح أنه خلل مستدام، ويستفحل بمرور الزمن، لأنه مجرد ظاهرة لنهج تنموي خاطئ، نهج، مؤشرات إنجازاته تقاس بحجم الانفاق على مشاريعه التي تعمق تلك الاختلالات، بديلاً لقياس نجاحه بعدد ونوعية الوظائف المستدامة التي يخلقها.

ولفت إلى أنه أخطر اختلالات ميزان العمالة كامنة في اختلال عمالة الكويتيين، فبعد 70 سنة من عمر النفط، يعمل في القطاع العام 76.7 في المئة منهم، والقطاع العام يدعم ما عداهم من العاملين في القطاع الخاص، أكثر من نصفهم بطالة مقنعة، ولا علاقة ما بين متطلبات التعليم والعمل، ولا الإنتاجية والمكافأة.

وأضاف أن تكلفة الرواتب والأجور تبلغ أكثر من ضعفين ونصف ضعف كل نفقات موازنة عام 2000، مؤكداً أن أقسى وأخطر التبعات، هي أن هناك 450 ألف كويتي دون سن الـ 20 سنة، يحتاجون إلى فرص عمل خلال الـ 15 سنة المقبلة، ومن المستحيل الاستمرار في نمط التوظيف الوهمي لهم، في القطاع العام، ولا تسمح مستويات الأجور ولا مستويات تعليمهم باستيعابهم في القطاع الخاص.

وأكد التقرير أن الاستقرار، سياسي كان أو اقتصادي أو اجتماعي، سيكون عرضة لمخاطر كبيرة بسبب تحول البطالة المقنعة الناتجة عن سياسات فاشلة، إلى بطالة سافرة، ويضاعف من مخاطره تلك المقترحات المتعلقة بخفض سن التقاعد، لتخريب نظام التأمينات بعد خراب المالية العامة. وتابع التقرير أن التعليم وقيم العمل والأجر، أمراض سياسة عامة، مثال صارخ لها هو تلك الضجة التي أُثيرت من أكثر من عام حول تعيين 300 عسكري من بنغلاديش لأعمال الإصلاح والصيانة للمعدات العسكرية، وللأسف، لم تكن الضجة حول فشل التعليم التطبيقي في توفير عمالة كويتية لها، ولا بسبب القلق على الأمن، ولكن بسبب احتمال حصولهم على رتب عسكرية بدلاً من الكويتيين.

وذكر التقرير مثالاً آخر حديثاً على خلق الوظائف الوهمية والمهينة، وهو إعلان ديوان الخدمة المدنية عن 2000 وظيفة لكويتيات من حملة الشهادة المتوسطة لمرافقة الطالبات، ولا عزاء لبناء رأس المال البشري، وما سياسات الإصلاح الاقتصادي المعلنة سوى وهم وسراب.

وتابع التقرير أن الخلل قائم وكبير في جملة العمالة أيضاً، فمجموع العاملين في الكويت يبلغ 2.732 مليون عامل، نسبة العمالة الكويتية ضمنها 16.4 في المئة فقط، معظمها في القطاع العام، ومنذ عام 2011، بدأت هجرة العمالة الكويتية من القطاع الخاص إلى القطاع العام خلافاً لأهداف التنمية المعلنة بسبب الإمعان في سياسات شراء الود السياسي، أو الإسراف في منح الكوادر.