الفيفا: رفع الإيقاف بعد تعديل القانون

أخيرًا.. وبعد طول انتظار نالت الكويت حريتها من قيود الايقاف المفروض على كرة القدم لأكثر من عامين، وذلك بإصدار الفيفا قرارا برفع الايقاف الذي طبق منذ ١٦ اكتوبر ٢٠١٥ وحتى يوم أمس بسبب التعارض بين القوانين الرياضية المحلية مع لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم بشكل خاص، ومع الميثاق الاولمبي ولوائح الاتحادات الرياضية الدولية بشكل عام.

قرار رفع الايقاف عن كرة القدم أعلنه رسميًا رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” جياني انفانتينو، الذي التقى سمو أمير البلاد مبلغًا سموه بأن مجلس (الفيفا) قرر بالإجماع في اجتماعه رفع الايقاف عن الكويت منذ الآن.

وقال إن قرار رفع الايقاف أقدمه هدية تذكارية من رئيس (الفيفا) إلى حضرة صاحب السمو مع كامل الاحترام والتقدير والعرفان لسموه في هذا اليوم 6 ديسمبر هذا اليوم المهم الذي شهد رفع الايقاف.. نحن سنعانق بعض نعانق الكويت مرة اخرى في (الفيفا).. هذا هو كأس العالم ينبهر اليوم وهو يوم مشرق للكويت”.

وأثنى انفانتينو على جهود سمو الأمير، بالقول “يا صاحب السمو رحابة صدركم وعظمتكم مشهود لها وشاهدناها اليوم في هذه العملية.. وقدمتم لبلدكم بالماضي والحاضر الكثير ومازلتم تقدمون ولاسيما للشباب في بلدكم وخصوصا الذين يعشقون كرة القدم الكويتية والدولية.. والآن يجب علينا ان نتطلع إلى المستقبل يجب ان يكون هدفنا المستقبل ويجب ان نشد يد بعضنا بعضا ويجب ان نعمل معا لمستقبل كرة القدم”.

وقد شكر سمو الأمير رئيس الاتحاد على الدور الذي قام فيه بدعم الرياضة الكويتية معربا سموه عن أهمية رعاية الشباب من قبل كافة مؤسسات الدولة وتسخير كافة الإمكانيات للاهتمام بالطاقات الشبابية من أجل رفع راية الكويت في شتى المحافل.

إعلان الفيفا رفع الإيقاف جاء بمجرد إعلان الكويت تعديل القوانين الرياضية التي وقفت حجرة عثرة أمام تحرك الكرة الكويتية في الملاعب.

لجنة الاتحادات الوطنية (إحدى اللجان الدائمة السبع في الفيفا) والتي أوصت برفع الإيقاف، جاءت توصيتها بعد أن رأت أن القانون الجديد يتطابق مع معايير الفيفا، إضافة الى ورود كتاب من حكومة الكويت يفيد بسحب القضايا وانتخاب مجلس ادارة جديد في اتحاد الكرة من قبل الجمعية العمومية، ورغم ان هذا البند الاخير يتناقض مع تصريحات رئيس الفيفا انفانتينو والكتب التي ارسلت مسبقا للكويت وتؤكد عدم اعترافها بالعموميات التي جرت باتحاد الكرة لتعديل النظام الاساسي وانتخاب مجلس جديد ، الا ان لجنة الاتحادات الوطنية اخذت بكتاب الحكومة ورفعت التوصية برفع الايقاف غير المشروط وهو ماثار استغرابا عاما من تصرف الفيفا الذي كان بامكانه الاعتراف منذ شهر سبتمبر الماضي بالعمومية التي جرت باتحاد الكرة وتجنيب الكويت كل هذا اللغط، خاصة وان اخر كتاب تم ارساله من الفيفا الى الاتحاد المنتخب برئاسة الشيخ طلال الفهد كان في ٢٢ نوفمبر الماضي اي قبل اسبوعين من قرار رفع الايقاف وكان فيه تأكيد على عدم الاعتراف بالانتخابات التي جرت باتحاد الكرة مع التجديد على تحقيق المطالب الثلاثة لرفع الايقاف ومنها اعادة المجلس المنتخب برئاسة الشيخ طلال.

وبشكل عام يحتاج قرار رفع الايقاف لتثبيت خلال اجتماع المكتب التنفيذي للفيفا ( مجلس الفيفا) في مارس المقبل ومن ثم لتصويت الكونغرس في يونيو على هامش مونديال روسيا .

وكانت الحكومة ومجلس الأمة قد اصدرا في ٢٠١٤ و ٢٠١٥ القانونين ١١٧ و ٢٥ الذين اعتبرتهما المنظمات الرياضية الدولية متعارضين مع الميثاق الاولولمبي ولوائح الاتحادات الدولية ولكن الحكومة في عهد الوزير الشيخ سلمان الحمود اصرت على عدم التعارض وعلى ضرورة احترام سيادة الكويت.

وبعد اجتماعات بين الطرف الحكومي النيابي ومسؤولين باللجنة الاولمبية الدولية في لوزان ، تم تحديد ٩ ملاحظات من قبل المنظمة الدولية لتعديل القانون الرياضي في الكويت، إلا ان الحكومة رفضت الاستجابة للملاحظات وشددت على فساد المنظمات الرياضية الدولية وعلى اهمية التشبث بمبدأ السيادة مع التاكيد على عدم التعارض وكان اثر ذلك صدور قرار الايقاف من قبل عدة منظمات رياضية دولية وكان اثر هذا الايقاف مؤلما على الرياضيين فدفع المنتخب الوطني لكرة القدم الثمن غاليا باستبعاده من تصفيات كاس العالم وكاس اسيا وحرم ناديا الكويت والقادسية من نهائي كاس الاتحاد الاسيوي ، ولعل الثمن الاكبر ذلك الذي دفعه الرامي فهيد الديحاني الذي توج باول ميدالية ذهبية اولمبية للكويت تحت العلم الاولمبي وليس الكويتي.

وتدخلت الامم المتحدة على الخط عبر نائب الامين العام للامم المتحدة ويلفريد ليمكي وتم عقد اجتماع اخر في جنيف وتم تقديم ملاحظات على القانونين ١١٧ و ٢٥ الا ان الوفد الحكومة انذاك برئاسة الدكتور محمد الفيلي رفض الاستماع لمطالب اللجنة الاولمبية واصر على عدم التعارض.

ولمزيد من التعقيد تم اقرار مشروع قانون في مجلس الامة يحمل الرقم ٣٤ لسنة ٢٠١٦ ، والذي نسف القانونين الذين تسببا بالايقاف وهما القانونين ١١٧ و ٢٥ ، وكان اثر هذا القانون اسوأ على استقلالية الهيئات الرياضية الكويتية ، اذ اعمالا لهذا القانون تم حل عدد من مجالس ادارات الاتحادات ومنها اتحاد الكرة اضافة للجنة الاولمبية الكويتية وتعيين لجان مؤقتة حكومية ، وهو ما اعتبرته المنظمات الدولية انتهاك صريح لاستقلالية وسلطة الجمعيات العمومية ، وشددت هذه المنظمات على انها لن تعترف باية اجراءات او قرارات تصدر عن الهيئات الرياضية الكويتية طالما انها تخضع لسلطة الحكومة ، اضافة الى انها ضاعفت شروطها لرفع الايقاف من شرط تعديل القوانين الرياضية فقط الى التعديل واعادة مجالس الادارات التي تم حلها .

ولم يتغير الوضع منذ ذلك الوقت ، اذ واصلت الحكومة اصرارها على عدم التعارض بين القوانين الكويتية والميثاق الاولمبي ولوائح الاتحادات الدولية ، وبان سبب الايقاف الشكاوى التي خرجت من الكويت وليس التعارض .

واللافت ان الوزير الحالي للشباب خالد الروضان الذي قدم مشروع القانون الجديد الذي اقر يوم الثالث من ديسمبر بالتوافق مع الفيفا ، كان عضوا بمجلس ادارة الهيئة العامة للرياضة ومسؤول الملف الاعلامي الخارجي في الفترة التي اصرت فيها الحكومة على عدم التعارض وعلى اهمية السيادة وعدم الرضوخ لمطالب المنظمات الدولية ، الا ان الروضان اعلن في جلسة مجلس الامة الطارئة للتصويت على قانون الرياضة الجديد ان هذا القانون تضمن ٤٩ مادة بملاحظات الفيفا وموافقته ولا يجب التعديل على هذه المواد دون موافقة الفيفا !!

عموما حظى المنتمون لمجتمع كرة القدم الكويتي بحريته واستعاد مكانته الطبيعية في الحظيرة الدولية بعد قرار رفع الايقاف ، لكن السؤال الذي سيظل قائما مفاده، متى سيحظى كافة المنتسبين للحركة الاولمبية والرياضية بفرحة رفع الايقاف الشامل عن رياضتنا، فلسان حال الرياضيين يقول الان ” الرياضة ليست كرة قدم فقط “.