أظهرت مراجعة شاملة لأداء الصين الاقتصادي في عام 2025 استمرار متانته وقدرته على الصمود أمام التحديات العالمية، مدعوماً بفاعلية السياسات الاقتصادية الكلية، في وقت رفعت فيه مؤسسات دولية كبرى، بينها البنك الدولي و صندوق النقد الدولي، توقعاتها لنمو الاقتصاد الصيني خلال العام الجاري.
ووفق بيانات رسمية، حقق الاقتصاد الصيني نمواً بنسبة 5.2% خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام، ما يضعه على المسار الصحيح لتحقيق مستهدف النمو السنوي البالغ نحو 5%، فيما يُتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 140 تريليون يوان (قرابة 19.9 تريليون دولار)، بما يعزز مكانة الصين كثاني أكبر اقتصاد في العالم.
التجارة: تنمية مشتركة لا «إفقار للجار»
وأظهرت بيانات الجمارك أن إجمالي واردات وصادرات الصين من السلع ارتفع بنسبة 3.6% على أساس سنوي خلال الأشهر الـ11 الأولى من 2025. وفيما يروّج بعض المنتقدين لفكرة اعتماد الصين المفرط على التصدير، يؤكد خبراء أن هذه المزاعم تتجاهل مبادئ السوق والواقع الفعلي للتجارة العالمية.
وقال تشانغ كونتسي، نائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة شاندونغ، إن القدرة على الابتكار هي جوهر التنافسية، مشيراً إلى أن السلع الصينية ذات الجودة العالية والأسعار المناسبة وفّرت خيارات أوسع للمستهلكين عالمياً. كما أظهرت دراسات أمريكية أن ارتفاع الإنتاجية الصينية أسهم في خفض تكاليف المعيشة في الولايات المتحدة.
وبخلاف الاتهامات بـ«النزعة التجارية»، حافظت الصين على موقعها كثاني أكبر مستورد في العالم للعام السادس عشر على التوالي، مع توقعات بأن تتجاوز وارداتها من السلع والخدمات 15 تريليون دولار خلال فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021–2025).
الاستهلاك: ترقية لا تراجع
وعلى الرغم من مزاعم «تراجع الاستهلاك»، سجلت مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية نمواً بنسبة 4% خلال أول 11 شهراً من العام، بينما حقق قطاع الخدمات نمواً أسرع، خصوصاً في مجالات الثقافة والرياضة والاتصالات.
وأشار باحثون إلى أن الاستهلاك في الصين يشهد تحولاً هيكلياً، مع ارتفاع الطلب على المركبات الكهربائية، والأجهزة الذكية، والسياحة الثقافية، مقابل تراجع الإنفاق التقليدي على السلع الفاخرة.
«الانكماش التنافسي»: تحديات مرحلية
وفي مواجهة ظاهرة «الانكماش التنافسي» أو المنافسة السعرية المفرطة، كثفت الصين إجراءاتها التنظيمية، بما في ذلك ضبط الطاقات الإنتاجية في قطاعات مزدحمة، ما انعكس تحسناً في ربحية الشركات الصناعية وارتفاع مؤشر أسعار المنتجين للشهر الثاني على التوالي.
الابتكار: قوة صاعدة عالمياً
وسجلت القطاعات عالية التقنية نمواً لافتاً، حيث ارتفع إنتاج الصناعات التحويلية المتقدمة بنسبة 9.2%، وقفز إنتاج الروبوتات الصناعية بأكثر من 29%. كما أظهرت بيانات ضريبية تسارع نمو إيرادات الشركات الصغيرة والمتوسطة عالية التقنية.
وعلى الصعيد الدولي، صنفت المنظمة العالمية للملكية الفكرية الصين في المرتبة العاشرة عالمياً في مؤشر الابتكار لعام 2025، مع تصدرها عدد أكبر من تجمعات الابتكار العلمي والتقني ضمن أفضل 100 تجمع عالمي.
وأكد خبراء دوليون أن التقدم المتواصل للصين في مؤشرات الابتكار يعكس نمواً حقيقياً في اقتصاد المعرفة، يفوق وتيرته العديد من الاقتصادات الكبرى.
ويخلص التقرير إلى أن أداء الاقتصاد الصيني في 2025، مدعوماً بالأرقام والبيانات، يقدّم صورة أكثر توازناً وواقعية، بعيداً عن القراءات المتشائمة، ويؤكد أن الصين ماضية في تحقيق نمو مستدام قائم على الاستهلاك، والتنظيم، والابتكار.
اقرأ أيضًا:
«القابضة» (ADQ) تُتم صفقة تمويل مشترك بقيمة 5 مليارات دولار من مؤسسات مالية آسيوية

