سجّل اقتصاد الصين فائضًا تجاريًا قياسيًا تجاوز تريليون دولار أمريكي خلال عام 2025، في أعلى مستوى يُسجَّل في تاريخ البلاد، وفق بيانات رسمية صادرة عن الجمارك الصينية وتقارير متطابقة لوسائل إعلام دولية وصينية، ما أثار مخاوف متزايدة لدى شركائها التجاريين بشأن اتساع اختلالات التجارة العالمية.
وبحسب بيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية، بلغت قيمة الصادرات الصينية خلال أول 11 شهرًا من العام نحو 3.41 تريليون دولار، مقابل واردات بحوالي 2.34 تريليون دولار، ما أسفر عن فائض تجاري يناهز 1.07–1.08 تريليون دولار. وأظهرت الأرقام نمو الصادرات بنسبة تقارب 6.2% على أساس سنوي، في حين لم تتجاوز زيادة الواردات 0.2%، ما يعكس ضعف الطلب المحلي.
قلق أوروبي وأمريكي متصاعد
في أوروبا، حذّر مسؤولون في الاتحاد الأوروبي من تداعيات تدفّق السلع الصينية منخفضة الكلفة على الصناعات المحلية، في وقت تشير تقديرات اقتصادية إلى أن العجز التجاري الأوروبي مع الصين يقترب من 300 مليار دولار سنويًا.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بكين علنًا إلى معالجة اختلالاتها الاقتصادية الداخلية، خصوصًا ضعف الاستهلاك المحلي، معتبرًا أن الاعتماد المفرط على الصادرات يفاقم التوترات التجارية العالمية.
وفي أمريكا الشمالية، اتخذت دول مثل المكسيك إجراءات جمركية وقائية، بينما تتصاعد في الولايات المتحدة الدعوات إلى تشديد أدوات الدفاع التجاري لحماية الصناعة الوطنية وسلاسل الإمداد.
مخالفة للمسار الاقتصادي التقليدي
يرى خبراء أن الفوائض التجارية الكبيرة والمستمرة تتعارض مع مبادئ الاقتصاد الكلي، التي تفترض أن تؤدي الصادرات القوية إلى ارتفاع قيمة العملة الوطنية وزيادة الواردات. غير أن الصين حافظت، وفق تحليلات اقتصادية، على سعر صرف اليوان عند مستويات منخفضة نسبيًا، ما عزّز تنافسية صادراتها وحدّ من نمو الواردات.
صعود صناعي يوسّع فجوة المنافسة
تُظهر البيانات أن الصين لم تعد تقتصر على تصدير السلع منخفضة القيمة، بل أصبحت منافسًا مباشرًا في قطاعات متقدمة مثل السيارات الكهربائية، البطاريات، الإلكترونيات، والمعدات الصناعية، وهو ما قلّص فرص الدول الأخرى في التصدير إلى السوق الصينية وعمّق الفوائض.
تحذيرات دولية ودعوات للإصلاح
حذّر صندوق النقد الدولي من أن ضعف الطلب المحلي الصيني يُعد أحد جذور الاختلال التجاري، داعيًا إلى إصلاحات هيكلية تُعيد التوازن بين الإنتاج والاستهلاك، وتحد من الضغوط الانكماشية داخل الاقتصاد الصيني.
آفاق المرحلة المقبلة
ورغم استفادة بعض دول الجنوب العالمي من انخفاض أسعار السلع الصينية، تتزايد المخاوف من تصاعد الحمائية التجارية عالميًا. ويرى محللون أن أي حل مستدام يتطلب تنسيقًا دوليًا بين دول الفائض والعجز، ضمن أطر متعددة الأطراف، لتفادي تصعيد تجاري قد ينعكس سلبًا على النمو العالمي.
اقرأ أيضًا:

