أظهرت النتائج الرسمية لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التشيلية فوز مرشح حزب الجمهوريين اليميني المتطرف خوسيه أنطونيو كاست بالرئاسة، بعد حصوله على نحو 58% من الأصوات مقابل 42% لمنافسته جانيت جارا، مرشحة الائتلاف اليساري الحاكم وعضو الحزب الشيوعي ووزيرة العمل السابقة.
وأقرت جارا بالهزيمة، قائلة إن «الديمقراطية عبّرت عن نفسها بوضوح»، مؤكدة في منشور على منصة «إكس» أنها تواصلت مع كاست وهنأته بالفوز. وأعلن متحدث حملة كاست، أرتورو سكويلا، النصر من مقر الحزب في العاصمة سانتياغو، مشددًا على «المسؤولية الكبيرة» الملقاة على عاتق الرئيس المنتخب لمعالجة الأزمات التي تمر بها البلاد.
وفي خطاب الفوز، تعهّد كاست بإحداث «تغيير حقيقي»، واضعًا الأمن في صدارة أولوياته، وقال: «من دون أمن لا سلام، ومن دون سلام لا ديمقراطية، ومن دون ديمقراطية لا حرية»، متعهدًا بإعادة تشيلي «خالية من الجريمة والقلق والخوف»، وفق تعبيره.
وشهدت الانتخابات مشاركة واسعة بعد إعادة العمل بالتصويت الإلزامي للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، حيث بلغ عدد المؤهلين للتصويت نحو 15.8 مليون ناخب. ومن المقرر أن يتسلّم كاست مهامه رسميًا في مارس 2026.
وعلى الصعيد الدولي، هنّأ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الرئيس المنتخب، معربًا عن تطلع واشنطن إلى التعاون مع إدارته «لتعزيز الأمن الإقليمي وتنشيط العلاقات التجارية».
قضايا الأمن والهجرة تتصدر اهتمامات الناخبين
تركّزت الحملة الانتخابية على قضايا الأمن والهجرة، في ظل ارتفاع القلق العام من الجريمة المنظمة. وتُظهر استطلاعات رأي أن أكثر من 60% من التشيليين يعتبرون الأمن القضية الأكثر إلحاحًا، متقدمًا على الاقتصاد والصحة والتعليم. ورغم بقاء تشيلي من بين الدول الأكثر أمانًا في أميركا اللاتينية، سجلت السنوات الأخيرة زيادة في الجريمة ببعض المناطق، مع إرجاع السلطات ذلك إلى نشاط عصابات عابرة للحدود.
وتناول كاست ملف الهجرة بلهجة متشددة، متعهدًا بتشديد الرقابة على الحدود وترحيل المهاجرين غير النظاميين وبناء سجون جديدة. ويُقدَّر أن المهاجرين يشكلون نحو 10% من سكان تشيلي، كثيرون منهم قدموا فرارًا من الأزمات في دول الجوار، ولا سيما فنزويلا.
مواقف مثيرة للجدل وخلفية سياسية
يعرف عن كاست معارضته للإجهاض دون استثناء، وتصريحاته المؤيدة للحاكم العسكري الأسبق أوغستو بينوشيه، الذي حكم البلاد بين 1973 و1990. وقد أثارت هذه المواقف مخاوف منتقدين يرون فيها إشارات محتملة إلى نزعات سلطوية، وهو ما ينفيه أنصاره.
من جهتها، كانت جارا قد تصدّرت الجولة الأولى التي أُجريت في 16 نوفمبر بنحو 27% من الأصوات، مقابل 24% لكاست، قبل أن ينجح الأخير في توحيد أصوات قوى يمينية أخرى في جولة الإعادة. كما ارتبطت حملة جارا بحكومة الرئيس المنتهية ولايته غابرييل بوريك، الذي واجهت إصلاحاته وخاصة المتعلقة بالدستور الموروث من حقبة بينوشيه صعوبات حالت دون إقرارها. وأكد بوريك، الذي يمنعه الدستور من الترشح مجددًا، عند الإدلاء بصوته أن «الديمقراطية هي الأداة الأفضل لحل الخلافات».
وبهذا الفوز، تدخل تشيلي مرحلة سياسية جديدة في ظل تحديات أمنية واجتماعية واقتصادية، وسط ترقب داخلي وخارجي لسياسات الرئيس المنتخب وكيفية ترجمة وعوده الانتخابية على أرض الواقع.
اقرأ أيضًا:

