أعاد مقتل جنديين أمريكيين ومدني أمريكي في هجوم نفذه شخص يُشتبه بانتمائه إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا، تسليط الضوء مجدداً على الوجود العسكري الأمريكي في البلاد ودوره بعد سنوات من النزاع.
ويُعد الهجوم الذي وقع يوم السبت الأول الذي يسفر عن قتلى أمريكيين منذ الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل نحو عام، ما أثار تساؤلات حول طبيعة المهمة الأمريكية ومستقبل انتشار القوات في سوريا.
الوجود العسكري الأمريكي
تحتفظ الولايات المتحدة بقوات في سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن، في إطار مهمة معلنة تهدف إلى مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية. ويبلغ عدد الجنود الأمريكيين حالياً نحو 900 جندي، ينتشرون بشكل أساسي في شمال شرق سوريا الخاضع لسيطرة قوات كردية، إضافة إلى قاعدة التنف في البادية الجنوبية الشرقية قرب الحدود مع العراق والأردن.
وبالإضافة إلى محاربة التنظيم، يرى مراقبون أن الوجود الأمريكي ساهم أيضاً في الحد من تدفق مقاتلين وأسلحة مدعومة من إيران إلى داخل سوريا من العراق، رغم أن هذا الهدف لا يُدرج رسمياً ضمن المهمة الأمريكية.
خلفية التدخل
اندلعت الأزمة السورية عام 2011 مع احتجاجات شعبية قوبلت بقمع شديد، لتتحول لاحقاً إلى حرب أهلية استمرت قرابة 14 عاماً قبل سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024. وخلال المراحل الأولى، تجنبت واشنطن التدخل العسكري المباشر، مكتفية بتقديم دعم محدود لبعض فصائل المعارضة، في ظل مخاوف من التورط في حرب طويلة ومكلفة على غرار العراق وأفغانستان.
غير أن هذا النهج تغيّر مع صعود تنظيم الدولة الإسلامية، الذي نفذ هجمات في الولايات المتحدة وأوروبا، وسيطر في ذروة تمدده على مساحات واسعة في سوريا والعراق، كانت تعادل نحو نصف مساحة المملكة المتحدة. واشتهر التنظيم بممارساته العنيفة ضد الأقليات الدينية والمسلمين الذين اعتبرهم «مرتدين».
تصعيد جديد ومخاوف مستمرة
وجاء الهجوم الأخير ليؤكد أن تهديد التنظيم لا يزال قائماً رغم خسارته لمعظم أراضيه، ما يعزز الجدل داخل الولايات المتحدة بشأن استمرار المهمة العسكرية في سوريا، بين من يدعو إلى البقاء لمنع عودة التنظيم، ومن يرى ضرورة إعادة تقييم الانتشار العسكري في ظل المخاطر الأمنية.
وفي الوقت الذي تواصل فيه واشنطن التأكيد على التزامها بمحاربة الإرهاب ومنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية، يظل مستقبل الدور الأمريكي في سوريا محل نقاش سياسي وأمني متواصل في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة.
اقرأ أيضًا:
