تفاقمت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا بعد احتجاز واشنطن لناقلة نفط وُصفت بأنها “كبيرة جداً” قبالة سواحل فنزويلا، في خطوة جديدة ضمن سلسلة من التحركات العسكرية والسياسية التي تعكس تصعيداً غير مسبوق بين البلدين.
ففي الأشهر الأخيرة، أرسل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قوات وعتاداً عسكرياً ضخماً إلى المنطقة، شملت حاملة الطائرات الأكبر في العالم، و15 ألف جندي، وطائرات مقاتلة، إضافة إلى عمليات لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) وعمليات قتل استهدفت عشرات القوارب المشتبه بأنها تستخدم في تهريب المخدرات، وأسفرت بحسب تقارير عن مقتل 87 شخصاً.
جذور النزاع… من شافيز إلى مادورو
بدأ التوتر بين البلدين منذ عام 1999 مع وصول الرئيس الراحل هوغو شافيز إلى السلطة، وتصاعد بعد محاولة الانقلاب عليه عام 2002 التي اتهم واشنطن بدعمها. وبعد وفاته، تولى نيكولاس مادورو الحكم عام 2013، ليتدهور الوضع أكثر عقب الانتخابات المتنازع عليها في 2018.
وفي عام 2019 اعترفت الولايات المتحدة بخصم مادورو السياسي خوان غوايدو رئيساً شرعياً لفنزويلا، في خطوة أدت إلى انقسام دولي واسع استمر حتى 2023.
أعيد انتخاب مادورو في 2024 بعد استبعاد المعارضة البارزة ماريا كورينا ماتشادو من السباق الرئاسي إثر إدانتها بقضية وصفتها المعارضة بأنها مفبركة. وقد حصلت ماتشادو لاحقاً على جائزة نوبل للسلام، وحضرت حفل التكريم في أوسلو هذا الأسبوع رغم مخاوف أمنية، مؤكدة عزمها العودة إلى فنزويلا.
هل تسعى واشنطن لإسقاط مادورو؟
يتهم مادورو الولايات المتحدة بالسعي إلى تغيير النظام بالقوة. وقال في سبتمبر إن ترامب “يصنع رواية ملفقة كذريعة للتدخل العسكري”.
ترامب من جهته لم ينفِ ذلك تماماً، إذ قال الأسبوع الماضي إن “أيام مادورو معدودة”، ورفض استبعاد اجتياح بري لفنزويلا.
كما جاء في استراتيجية الأمن القومي الأمريكية أن واشنطن ستدعم الحكومات والحركات السياسية “المتوافقة مع مبادئها” في نصف الكرة الغربي وهو ما أثار مخاوف عميقة في أميركا اللاتينية.
العقوبات… أداة رئيسية للضغط
تخضع فنزويلا لعقوبات أمريكية واسعة منذ 2019، حيث تم تجميد كل الأصول الفنزويلية داخل الولايات المتحدة ومنع التعامل معها، في خطوة شبيهة بالعقوبات المفروضة على إيران وكوبا وكوريا الشمالية.
هل النفط جزء من الصراع؟
يشير كثيرون إلى أن للنفط دوراً مركزياً في النزاع، خاصة بعد إعلان ترامب بشأن النفط المحتجز في الناقلة:
“سنحتفظ به، على ما أعتقد.”
تعد فنزويلا صاحبة أضخم احتياطات نفطية في العالم بنحو 303 مليارات برميل، لكنها غير قادرة على بيع نفطها في الأسواق الكبرى بسبب العقوبات، ما يدفعها لبيعه بأسعار منخفضة للصين.
ورغم ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تستورد كميات صغيرة من النفط الفنزويلي نحو 100 برميل يومياً بفضل ترخيص خاص لشركة شيفرون.
المخدرات… مبرر أمريكي للتدخل
تؤكد واشنطن أن حملتها تستهدف شبكات المخدرات، وتصف هجماتها البحرية بأنها ضد “الإرهابيين المرتبطين بالمخدرات”. لكن خبراء قانونيين في البلدين يشككون في قانونية العمليات العسكرية التي أدت إلى عشرات الوفيات.
تصعيد مستمر… ومخاوف إقليمية
مع احتدام السجال السياسي والعسكري، يخشى مراقبون أن يتحول النزاع بين البلدين إلى مواجهة مفتوحة، خصوصاً مع إرسال الولايات المتحدة قواتها إلى المنطقة وتزايد الخطاب التصادمي من الجانبين.
ولا يزال السؤال الأكبر مطروحاً:
هل تتجه واشنطن نحو تدخل مباشر في فنزويلا؟
الأحداث المتسارعة تعزز المخاوف من أن الأزمة قد تتجاوز حدود الحرب الكلامية لتصبح مواجهة تحدد مستقبل القارة بأسرها.
اقرأ أيضًا:

