تجددت التحذيرات الأمنية الدولية بشأن مخاطر التجسس الرقمي، وذلك بعد تقارير حديثة كشفت، مرة أخرى، عن استخدام برنامج التجسس الإسرائيلي الشهير Pegasus في تنفيذ هجمات معقدة استهدفت عشرات الهواتف حول العالم. وبالإضافة إلى ذلك، أكدت هذه التقارير أن البرنامج استغل ثغرات غير مكتشفة داخل أجهزة iPhone، مما أثار حالة قلق واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية العالمية.
هجمات صفرية بدون أي تفاعل من المستخدم
أولًا، أوضحت مصادر في الأمن السيبراني أن Pegasus اعتمد بشكل أساسي على ما يعرف بـ الهجمات الصفرية (Zero-Click Exploits). وبمعنى أدق، تسمح هذه الهجمات بالاختراق دون أي نقر أو تفاعل من المستخدم. ولذلك، تمكن المهاجمون من الوصول إلى الرسائل والصور وملفات الموقع الجغرافي، كما تمكنوا، علاوة على ذلك، من تشغيل الكاميرا والمايكروفون سرًا.
وفي المقابل، يرى متخصصون أن هذا النوع من الهجمات يمثل مستوى جديدًا من التهديدات الرقمية، خصوصًا أنه يستهدف الأجهزة المشهورة بقوة أنظمتها الأمنية مثل iPhone.
آبل: الهجمات كانت متطورة وغير مسبوقة
ثانيًا، أكدت شركة آبل أن الهجمات المرتبطة ببرنامج Pegasus كانت “متطورة بشكل غير مسبوق”. وعلى الرغم من ذلك، شددت الشركة على أن هذه الهجمات لم تُظهر أي اختراق داخلي لأنظمة آبل، بل اعتمدت على ثغرات لم يكن قد تم اكتشافها سابقًا.
وبالإضافة إلى ذلك، أوضحت الشركة أنها سارعت إلى إصدار تحديثات أمنية عاجلة لإغلاق هذه الثغرات، كما عززت ميزات وضع الحماية المتقدم (Lockdown Mode) في الإصدارات الحديثة من iOS. ومن المهم الإشارة إلى أن الشركة قالت إن هذه الهجمات تستهدف “مجموعة صغيرة جدًا من المستخدمين رفيعي الحساسية”.
ثغرات غير مكتشفة… والتحديثات كخط دفاع أول
بعد ذلك، كشفت تقارير تقنية أن خطورة المشكلة لا تتعلق بنظام iPhone نفسه، وإنما بقدرة Pegasus على استغلال ثغرات كانت غير معروفة سابقًا. ولهذا السبب، يرى خبراء الأمن السيبراني أن الالتزام بالتحديثات الأمنية فور صدورها يمثل خط الدفاع الأول ضد مثل هذه الهجمات.
وفي هذا السياق، أضاف الخبراء أن تفعيل وضع الحماية المتقدم، واستخدام كلمات مرور قوية، وعدم فتح الروابط مجهولة المصدر، كلها خطوات تقلل من احتمالات الاختراق بدرجة كبيرة.
الحرب السيبرانية تدخل مرحلة جديدة
علاوة على ذلك، يرى مراقبون أن هذا النوع من التجسس يعكس مرحلة جديدة من الحرب السيبرانية. ففي السابق، كانت عمليات التجسس الرقمية تعتمد على خداع المستخدم أو دفعه للضغط على رابط مشبوه. بينما الآن، أصبحت الهجمات تتم دون أي تفاعل، وهذا ما يزيد خطورتها ويجعل اكتشافها أكثر تعقيدًا.
وبسبب هذه التطورات، يدعو متخصصون إلى رفع مستوى الوعي لدى السياسيين والصحفيين والعاملين في الشأن العام، لأنهم أكثر الفئات عرضة لهذه الهجمات.
دعوات عالمية لتشريعات أشد صرامة
وفي ظل هذه الأحداث، ترتفع الدعوات الدولية لإقرار تشريعات أكثر صرامة تنظم بيع واستخدام برامج التجسس. وعلى سبيل المثال، كشفت تحقيقات سابقة أن Pegasus استُخدم في عدة دول لاستهداف سياسيين، ودبلوماسيين، وصحفيين، ونشطاء حقوقيين. ولذلك، ترى منظمات حقوقية أن غياب الرقابة القانونية سمح بتحويل هذه الأدوات من أغراض أمنية إلى أدوات قمعية.
كيف يمكن حماية الأجهزة من الاختراق؟
أخيرًا، يؤكد خبراء الأمن السيبراني أن حماية الأجهزة من الهجمات المتقدمة مثل Pegasus تحتاج إلى إجراءات عملية واضحة، ومنها:
- أولًا: تثبيت التحديثات الأمنية فور صدورها.
- ثانيًا: تفعيل وضع الحماية المتقدم (Lockdown Mode).
- بعد ذلك: تجنّب الروابط المشبوهة.
- كذلك: استخدام المصادقة الثنائية.
- وأخيرًا: رفع الوعي الرقمي لدى الشخصيات الحساسة.
وبذلك، يصبح المستخدم أقل عرضة للاختراق، حتى في مواجهة الهجمات الأكثر تطورًا.
اقرأ أيضًا:
عطل عالمي في خدمات Cloudflare يتسبب بتوقف مواقع ومنصات رقمية حول العالم

