تواجه بطولة كأس العالم لكرة القدم 2026، التي تستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، تحديات غير رياضية معقدة. فبالإضافة إلى الجاهزية التنظيمية، تبرز أزمة التأشيرات والهجرة كأحد أبرز العقبات أمام الحدث العالمي. لذلك، أصبح موضوع البطولة محور نقاش سياسي ورياضي حول مدى استعداد أمريكا للترحيب بالعالم وسط أجواء سياسية متوترة.
خلفية البطولة واستضافة ثلاثية
تُقام النسخة الثالثة والعشرون من البطولة بين 11 يونيو و19 يوليو 2026. كما أنها أول نسخة يشارك فيها 48 منتخبًا بدلًا من 32.
تستضيف الولايات المتحدة أغلب المباريات في 11 مدينة، وتستضيف المكسيك 3 مباريات، وتستضيف كندا مباراتين.
تشير التقارير إلى أن الاستعدادات التقنية تسير بشكل جيد، لكن المشكلات السياسية، وخاصة تلك المرتبطة بالهجرة والتأشيرات، تثير قلق المنظمين وتزيد من تعقيد التحضيرات.
مأزق التأشيرات بين الترحيب العالمي والبيروقراطية
تتعرض وزارة الخارجية الأميركية لضغوط كبيرة لتسهيل دخول الزوار من أكثر من 100 دولة.
لذلك، أعلنت الحكومة عن زيادة الموظفين في السفارات ورفع القدرة على معالجة طلبات التأشيرات قبل عام 2026.
مع ذلك، تستمر فترات الانتظار الطويلة في بعض الدول النامية. كما تواجه جماهير من العالم العربي وإفريقيا وآسيا قيودًا إضافية بسبب نقص المواعيد وصعوبة الحصول على الموافقات.
من جانبه، دعا الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) واشنطن إلى ضمان دخول سلس وآمن لجميع الزوار دون تمييز.
توتر سياسي وازدواجية في الخطاب
رغم الخطاب الأميركي الرسمي المرحّب، أظهرت تصريحات بعض السياسيين نبرة متشددة.
على سبيل المثال، حذر السيناتور الجمهوري جاي.دي. فانس زوار البطولة من تجاوز مدة الإقامة القانونية، ما اعتبره مراقبون تذكيرًا بسياسات الهجرة الصارمة.
تخشى المدن المستضيفة أن تؤدي المداهمات الأمنية أو حملات الهجرة إلى تشويه صورة البطولة وإحراج واشنطن أمام العالم.
لذلك، يحاول المنظمون الموازنة بين تطبيق القانون والحفاظ على روح المهرجان العالمي.
مخاوف إنسانية واتهامات بالتمييز
حذّرت منظمات حقوقية من أن تطبيق القوانين بصرامة قد يمنع جماهير من دول خاضعة للعقوبات أو القيود من دخول أمريكا.
وأكدت أن السلطات الأمريكية تُمارس من خلال هذه السياسة تمييزًا واضحًا ضد بعض الجنسيات.
دعت منظمات إنسانية إلى إصدار تأشيرات خاصة للمشجعين، كما حدث في بطولات سابقة، لضمان دخولهم بسهولة وتجنب الأزمات.
وترى هذه الهيئات أن تخفيف القيود سيعكس صورة إيجابية لأمريكا ويعزز من روح الوحدة الرياضية.
كندا والمكسيك: سياسات أكثر مرونة
تبدو كندا أكثر انفتاحًا بفضل نظامها الإلكتروني السهل للتأشيرات، بينما ترحّب المكسيك بالزوار من معظم الدول دون تعقيدات.
في المقابل، تفرض الولايات المتحدة إجراءات صارمة على الزوار، ما يجعل فيفا أمام تحدٍ لتوحيد معايير الدخول بين الدول الثلاث.
هذا التباين يُربك حركة السفر بين المدن المستضيفة، ويُضعف تجربة المشجعين أثناء انتقالهم من دولة لأخرى.
انعكاسات على صورة الولايات المتحدة
يعتقد المحللون أن نجاح البطولة لن يعتمد فقط على جودة الملاعب، بل على قدرة أمريكا على تقديم صورة منفتحة تواكب شعار البطولة “نرحب بالعالم”.
لكن في ظل الاستقطاب السياسي الداخلي واحتمال عودة الخطاب المتشدد، تواجه أمريكا اختبارًا حقيقيًا أمام الرأي العام الدولي.
فإما أن تُقدّم الولايات المتحدة نفسها كبلد منفتح يحتضن الجميع، أو تُغلّب الأمن على القيم الإنسانية.
خاتمة تحليلية
في الختام، تمثل بطولة كأس العالم 2026 حدثًا سياسيًا بقدر ما هي رياضي. فهي تكشف التناقض بين شعارات الانفتاح والواقع البيروقراطي الصارم.
بينما تعمل فيفا على جعلها مهرجانًا عالميًا بلا حدود، تفرض قيود التأشيرات الأميركية العقبة الأكبر أمام تحقيق هذا الهدف.
ويبقى السؤال المطروح: هل تنجح الولايات المتحدة في تحويل البطولة إلى جسر للتواصل الإنساني، أم يغلب عليها الطابع الأمني الذي يُضعف فرحة الجماهير؟

								
								
								
								
                
                                                                    
                                                                    
                                                                    
                                                                    
														
														
														
														
								
					
					
					