شهد سوق الأسهم الأمريكي واحدة من أسوأ جلساته هذا العام. حيث أغلقت المؤشرات الرئيسية على انخفاض حاد أثار قلق المستثمرين. في الواقع، تعود أسباب تراجع وول ستريت إلى مزيج معقد. فهو يجمع بين التوترات التجارية المتجددة، ومخاوف تضخم أسهم التكنولوجيا، والغموض حول سياسة الفائدة الأمريكية. وقد أدى كل هذا إلى هبوط البورصة الأمريكية بشكل ملحوظ.
تصاعد التوترات التجارية مع الصين
جاءت الشرارة الأولى للتراجع من تصرحات الرئيس الأمريكي. لقد هدد فيها بفرض رسوم جمركية “كبرى” على الواردات الصينية. بالتحديد، ترتبط هذه التهديدات بالصراع حول المعادن النادرة. فهذه المعادن تعتبر شريان الحياة للصناعات التكنولوجية والدفاعية المتقدمة.
نتيجة لذلك، هذه اللهجة التصعيدية أعادت إلى الأذهان شبح المواجهة الاقتصادية. وهي تمثل فصلاً جديداً في الحرب التجارية الصينية الأمريكية. وقد دفعت المستثمرين إلى موجة بيع واسعة لتجنب المخاطر المحتملة.
مخاوف من فقاعة أسهم التكنولوجيا
إلى جانب ذلك، يكمن في قلب هذا التراجع قلق متزايد حول أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فقد سجل مؤشر ناسداك هبوطاً تجاوز 3%. ويضم هذا المؤشر كبرى الشركات التقنية، وقد تأثر بالضغوط على أسهم الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
علاوة على ذلك، يرى محللون بارزون أن التقييمات الحالية لهذه الشركات أصبحت “مفرطة”. وهذا يثير تساؤلات جدية حول مستقبل أسهم شركات التكنولوجيا. وفي هذا السياق، حذر البنك المركزي البريطاني مؤخراً من خطر كبير. حيث أن “انفجار فقاعة التكنولوجيا” قد يسبب أزمة مالية عالمية.
غموض سياسة الفيدرالي الأمريكي
على صعيد آخر، زاد من الضغوط على السوق حالة عدم اليقين بشأن السياسة النقدية. فقد أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة قوة غير متوقعة. وهو ما قلل من احتمالية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة قريباً.
وبالتالي، يعتبر بقاء أسعار الفائدة مرتفعة خبراً سيئاً للأسهم. فهو يزيد من تكاليف الاقتراض على الشركات. كما يجعل الاستثمارات الآمنة مثل السندات أكثر جاذبية للمستثمرين.
هل هو تصحيح حتمي للأسواق؟
من ناحية أخرى، يعتقد خبراء أن ما نشهده قد يكون بداية “تصحيح” طبيعي وصحي للأسواق. ومن بينهم جيمي دايمون، الرئيس التنفيذي لبنك “جي بي مورغان”. ويأتي هذا بعد فترة صعود طويلة وغير مسبوقة، خاصة لأسهم التكنولوجيا.
ومع ذلك، حذر دايمون من أن هذا التصحيح قد يكون كبيراً. وأوضح أن تأثير التوترات التجارية على الأسواق العالمية يشكل خطراً لا يمكن تجاهله. يضاف إلى ذلك خطر الديون الحكومية المرتفعة.
التأثير على الأسواق العالمية والخليجية
كما هو متوقع، سيمتد تأثير هبوط البورصة الأمريكية إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية. فغالباً ما تتبع الأسواق العالمية اتجاه وول ستريت. بالنسبة للمستثمرين في منطقة الخليج، قد يؤدي هذا إلى زيادة التذبذبات. ويعود ذلك لارتباط العديد من الصناديق الاستثمارية المحلية بالأسواق في اقتصاد أمريكا.
في الختام، تواجه وول ستريت ضغوطاً ثلاثية: صراع تجاري، وفقاعة تكنولوجية محتملة، وسياسة نقدية متشددة. بلا شك، الأشهر القادمة ستكشف الحقيقة. هل كان هذا مجرد تصحيح عابر أم بداية لأزمة ثقة أعمق في الأسواق.