الجمعة - 2025/12/12 3:25:52 مساءً

NE

News Elementor

هذا الموقع بــرعاية

تصاعد التوتر بين واشنطن وكاراكاس بسبب سياسة ترامب تجاه فنزويلا

تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا هذا الأسبوع بشكل واضح، بعدما أوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتصالات الدبلوماسية مع كاراكاس.
وأعاد هذا القرار إلى الواجهة نهج “الضغط الأقصى” الذي اعتمدته واشنطن سابقًا، وفتح الباب أمام تساؤلات حول أهدافها السياسية والاقتصادية في المنطقة.

أولًا: الطاقة والنفط في قلب الصراع

تمتلك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم يبلغ نحو 303 مليارات برميل.
ويعتمد الاقتصاد الفنزويلي على النفط الثقيل الذي يتطلب تقنيات متطورة وتكلفة عالية للتكرير، لذلك تعتمد كاراكاس على الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير.
ونتيجة لذلك، استغلت واشنطن هذا الاعتماد لتكثيف ضغطها الاقتصادي من خلال العقوبات.
وترى الإدارة الأمريكية أن تحرير قطاع الطاقة في فنزويلا وضمان تدفقه وفق مصالحها يشكل هدفًا استراتيجيًا أساسيًا.
بالإضافة إلى ذلك، استخدمت واشنطن العقوبات كأداة تفاوضية، كما حدث عندما منحت تراخيص محددة لإنتاج الغاز من حقل دراجون لصالح ترينيداد وشركة شل.

ثانيًا: نفوذ الصين وروسيا يثير قلق واشنطن

من جهة أخرى، ضخت الصين مليارات الدولارات في الاقتصاد الفنزويلي منذ عام 2007، من خلال قروض مقابل النفط ومشروعات مشتركة بين CNPC وPDVSA في حزام أورينوكو.
وهذا التغلغل الاقتصادي أثار قلق الولايات المتحدة التي تسعى إلى الحد من التمدد الصيني في نصف الكرة الغربي.
أما روسيا، فقد دعمت نظام نيكولاس مادورو سياسيًا واقتصاديًا عبر قروض ضخمة من شركة روسنفت، كما رهنت جزءًا من شركة سيتغو في الولايات المتحدة كضمان لتلك القروض.
وعلاوة على ذلك، أرسلت موسكو قاذفات “تو-160” وخبراء عسكريين إلى كاراكاس عامي 2018 و2019، ما جعل الأزمة الفنزويلية ساحة مواجهة غير مباشرة بين واشنطن وموسكو.

ثالثًا: السردية السياسية والأمنية الأمريكية

تُبرر واشنطن تدخلها في الملف الفنزويلي برغبتها في استعادة الديمقراطية ودعم المعارضة، إضافة إلى مكافحة شبكات الجريمة وتهريب المخدرات.
وقد عمّق ترمب هذا النهج خلال ولايته الأولى (2017–2021) عندما اعترف بجوايدو ووسع العقوبات ضد نظام مادورو.
ثم استعاد الرئيس الأمريكي هذا المسار مجددًا عام 2025 بعد أن جمّد سياسة الانفتاح المحدود التي حاولت إدارة بايدن تطبيقها.

رابعًا: موقف مادورو من إسرائيل يعمّق الخلاف

منذ حرب غزة عام 2009، قطع مادورو العلاقات مع إسرائيل وأعلن دعمه الكامل لفلسطين.
وفي أكثر من مناسبة، اتهم ما وصفه بـ“الصهيونية الدولية” بالتحريض على بلاده، ما جعل موقفه السياسي يتناقض جذريًا مع السياسة الأمريكية المؤيدة لإسرائيل.
وبسبب هذا التباين، اعتبرت واشنطن الموقف الفنزويلي جزءًا من معسكر سياسي معادٍ لها، مما زاد التوتر بين البلدين.

خامسًا: تقاطع ملفات الطاقة والسياسة والتحالفات

تتداخل ملفات الطاقة والتحالفات الدولية والموقف من إسرائيل في شبكة مصالح معقدة.
فعلى الصعيد الاقتصادي، تحاول واشنطن ضمان تدفق النفط من دول صديقة لتفادي تقلبات السوق.
أما سياسيًا، فإنها تستخدم العقوبات ورخص الطاقة الانتقائية كوسائل ضغط لتغيير سلوك حكومة مادورو.
وفي المقابل، يستفيد مادورو من دعم موسكو وبكين لتقوية موقفه الداخلي ومواجهة العقوبات الأمريكية.

سادسًا: السيناريوهات المتوقعة

يرجّح المراقبون أن تسلك الأزمة أحد المسارات التالية:

  1. تصعيد العقوبات الأمريكية ضد قطاع النفط والشحن الفنزويلي.
  2. انفراج مشروط يمنح كاراكاس تراخيص طاقة محدودة مقابل إصلاحات سياسية.
  3. تعزيز تحالف مادورو مع روسيا والصين إذا استمر الضغط الأمريكي دون حوار.

وفي جميع الحالات، تُظهر واشنطن استعدادها لاستخدام القوة الاقتصادية بدل العسكرية، لتجنب مواجهة مباشرة.

خلاصة

في النهاية، تسعى إدارة ترامب إلى إعادة فنزويلا إلى المدار الأمريكي من خلال مزيج من العقوبات الصارمة والحوافز الاقتصادية المشروطة.
وترتبط دوافع واشنطن بثلاثة محاور رئيسية: النفط، النفوذ الصيني–الروسي، والموقف من إسرائيل.
وبذلك، تؤكد السياسة الأمريكية تجاه كاراكاس أن الصراع لم يعد إقليميًا فحسب، بل أصبح جزءًا من تنافس القوى الكبرى على خريطة النفوذ العالمي.

برعايـــة

حقوق النشر محفوظة لـ أخبار الكويت © 2025
تم تصميمه و تطويره بواسطة

www.enogeek.com