انتقلت ناين مورال ونجلاها قبل سنتين ليسكنوا في شقة بها غرفة نوم واحدة في منطقة مريحة قرب مدينة أوترخت الهولندية بجوار عائلتها وأصدقائها. وقّعت حينها عقد إيجار لسنتين فقط، لأنها كانت تتوقع تمديده إلى أن تتمكن من الانتقال إلى واحدة من الشقق الكثيرة في هولندا الخاضعة لضبط الإيجارات.
لكن أبلغها مالك الشقة في الربيع بأن عليها أن تخليها بحلول نوفمبر بما أن تأجيرها لم يعد مربحاً. قالت مورال، وهي معلمة بلغت من العمر 33 عاماً: “كل الجهود المضنية والبحث عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمكالمات الهاتفية وزيارة الوكلاء العقاريين وهيئات الإسكان” لم تجد نفعاً لأن “المشكلة ليست مسألة سعر بل نقص حقيقي في أعداد المساكن”.
قانون جديد مورال واحدة من عدد ينمو من الهولنديين الذي يواجهون صعوبة في العثور على مساكن للإيجار بعد إصدار قانون جديد كان يهدف في الأساس لجعل أسعار السكن أقرب لمتناول الأسر، فانتهى به الأمر مفاقماً أزمة شحّ المساكن في البلاد.
لقد عمدت الحكومة في يوليو إلى فرض ضوابط على إيجارات آلاف الشقق في مسعى لحماية المستأجرين منخفضي الدخل، وصنّفت العقارات استناداً إلى عوامل مثل حالتها العامة ومساحاتها وكفاءة استهلاك الطاقة. وقد شمل ضبط الإيجارات بموجب “قانون الإيجارات الميسرة” 300 ألف شقة لم تعد جزءاً من السوق غير الخاضعة للقيود.
وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تضمّ هولندا أعلى نسبة من المنازل الخاضعة لضبط الإيجارات في أوروبا، يعود ربعها تقريباً إلى ملّاك أفراد، بينما تملك البقية جمعيات سكنية أشبه بالتعاونيات.
وتبيّن أرقام صادرة عن وزارة الإسكان أن دخول القانون الجديد حيز التنفيذ قد رفع نسبة العقارات الخاضعة لضبط الأسعار من 80% إلى 96% من أصل 3 ملايين عقار للإيجار. تحدد هذه التدابير سقف الإيجارات لحوالي 2.5 مليون منزل عند 880 يورو (980 دولاراً) شهرياً للأسر التي يقل دخلها عن 52671 يورو. بينما تفرض على بقية العقارات المشمولة بالقانون حداً أقصى للإيجار يبلغ 1158 يورو شهرياً، وفيما لا تشترط حداً أقصى للدخل، فإنها تستهدف الأسر ذات الرواتب المتواضعة.
لمواكبة الزيادة السكانية، تحتاج هولندا إلى حوالي 100 ألف وحدة سكنية جديدة سنوياً، لكن على مدى العقد الماضي، لم يُشيّد وسطياً إلا ثلثا هذا العدد. لقد أدى النقص إلى ارتفاع أسعار الشقق غير الخاضعة لضبط الإيجارات بما يقارب 30% منذ 2012. وبعد دخول عديد من الشقق السوق الخاضعة لضبط الإيجارات بموجب القانون الجديد، قرر كثير من الملاك أن يبيعوا عقاراتهم.
وقال ميكيل فريمان، الذي يدير عمليات شركة “هيمستادن بوستاد” (Heimstaden Bostad) السويدية في هولندا، حيث تملك 13500 شقة تعتزم بيع حوالي خمسها: “الحقيقة المحزنة هي أنه أصبح العثور على عقار للإيجار في سوق تعاني الشح أصلاً، أصعب من أي وقت مضى على الباحثين عن مساكن”.
أما مؤيدو القانون، فهم يرون أنه كان ضرورةً بعد سنوات من ارتفاع الإيجارات وزيادة الخصخصة في سوق الإسكان. قال وزير الإسكان السابق الذي تقدّم بالتشريع هيوغو دي يونغيه إن الهدف كان حماية السكان ذوي الدخل المنخفض.