مع استمرار الحرب للعام الرابع على التوالي، تتصاعد المخاوف داخل أوكرانيا من مواجهة انهيار سكاني حاد قد يغيّر شكل البلاد لعقود قادمة، في ظل تراجع معدلات المواليد، وارتفاع أعداد المهاجرين، واستنزاف القوى العاملة بسبب الحرب.
تقارير دولية عدة تشير إلى أن أوكرانيا باتت “تنظر في فوهة انهيار ديمغرافي”، فيما تتساءل السلطات الأوكرانية اليوم: من سيبقى لإعادة بناء الدولة عندما تنتهي الحرب؟
هجرة واسعة وتراجع حاد في السكان
منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، غادر الملايين من الأوكرانيين خاصة النساء والأطفال إلى دول أوروبا، فيما لقي عشرات الآلاف من الجنود والمدنيين مصرعهم في العمليات العسكرية.
ويقدّر خبراء ديمغرافيون أن عدد سكان أوكرانيا قد يكون تراجع بأكثر من 30%، الأمر الذي يجعلها واحدة من أسرع الدول انكماشاً سكانياً في العالم.
وتشير بيانات حكومية إلى تراجع معدلات الولادة إلى أدنى مستوى منذ استقلال البلاد عام 1991، فيما تواجه القطاعات الإنتاجية نقصاً غير مسبوق في العمالة.
أزمة متصاعدة في سوق العمل
الحكومة الأوكرانية تجد نفسها اليوم أمام معضلة مزدوجة:
• نقص في القوى العاملة نتيجة التجنيد الإجباري والنزوح الجماعي
• شيخوخة سريعة للسكان مع هجرة الفئة الشابة وارتفاع متوسط الأعمار
ووفق خبراء اقتصاد، فإن شحّ اليد العاملة سيصبح “أكبر عقبة” أمام إعادة الإعمار، خصوصاً أن المليارات المخصّصة لإحياء البنية التحتية لن تجد من ينفّذ الخطط ما لم تعد الكفاءات البشرية إلى البلاد.
من سيعيد بناء أوكرانيا؟
هذا السؤال بات الأكثر تردداً داخل النقاشات الحكومية، إذ عبّر مسؤولون عن خشيتهم من أن تتحول موجة الهجرة الحالية إلى هجرة دائمة، خاصة مع استقرار ملايين الأوكرانيين في دول الاتحاد الأوروبي وبناء حياة جديدة هناك.
ويحذّر خبراء من أن أوكرانيا قد تواجه أزمة “فراغ سكاني” في حال استمرار الحرب دون تسوية قريبة، مؤكدين أن التعافي الديمغرافي يحتاج أعواماً طويلة حتى في أفضل السيناريوهات.
سياسات حكومية للحد من الانهيار
في محاولة لاحتواء الأزمة، تدرس كييف حزمة إجراءات، من بينها:
• حوافز مالية لعودة اللاجئين
• برامج لإعادة دمج الجنود المسرحين بعد الحرب
• تسهيلات للمغتربين الأوكرانيين للعودة والاستثمار
• مبادرات لدعم معدلات الولادة عبر إعانات عائلية موسعة
إلا أن مراقبين يرون أن هذه السياسات لن تنجح ما لم تتوقف العمليات العسكرية وتستعيد البلاد استقرارها السياسي والاقتصادي.
تحذيرات دولية
منظمات دولية، بينها الأمم المتحدة والبنك الدولي، حذّرت من أن أوكرانيا تتجه نحو “عقود من النمو السلبي” إذا لم تتمكن من عكس مسار التراجع الديمغرافي. ويؤكد محللون أن الانكماش السكاني قد يصبح “الخسارة الأكبر” من بين تداعيات الحرب.
ومع غياب حلّ سياسي في الأفق القريب، تبقى أوكرانيا عالقة بين حرب لم تنتهِ… وأزمة سكانية تهدد مستقبل الدولة نفسها.
اقرأ أيضًا:
شهيدة وإصابات برصاص الاحتلال الإسرائيلي في حي التفاح شرق مدينة غزة
