الإثنين - 2025/12/08 3:23:10 صباحًا

NE

News Elementor

هذا الموقع بــرعاية

بختصار وشكل مباشر “لماذا تقف ألمانيا دائماً إلى جانب الكيان المحتل”

في كل مرة يشتعل فيها الشرق الأوسط، وفي كل مرة يرتكب الاحتلال مجزرة جديدة في فلسطين، يظهر السؤال نفسه على الساحة العربية والدولية: لماذا تواصل ألمانيا الوقوف بحزم إلى جانب الكيان المحتل، مهما بلغت بشاعة الجرائم أو وضوح الحقائق؟
سؤال يتكرر، لكنه ليس لغزاً. فالمشهد الألماني مركّب، تحكمه رواسب التاريخ، ومصالح السياسة، وتحالفات الغرب، وصراع الهوية داخل دولة لا تزال تحاول أن تتصالح مع ماضيها.

أولاً: ثقل التاريخ الذي لم ينتهِ بالنسبة للألمان

ألمانيا رغم مرور أكثر من 80 عاماً على الحرب العالمية الثانية لا تزال أسيرة عقدة الذنب التاريخية.
المحرقة (الهولوكوست) تحوّلت بمرور الزمن إلى عنصر ثابت في الوعي السياسي الألماني.
حكومة بعد حكومة، وزعيم بعد آخر، توارثوا العبارة الشهيرة:

“أمن الكيان جزء من مصلحة ألمانيا الوطنية.”

هذا الالتزام العلني جعل السياسة الألمانية تُقيِّد نفسها سياسياً وأخلاقياً، بحيث بات انتقاد للكيان المحتل يُنظر إليه داخلياً كـ”خطيئة سياسية” و”تهديد لسمعة ألمانيا الأخلاقية”.

ثانياً: الداخل الألماني… دولة تخاف من ظلال الماضي

القانون الألماني يُجرّم أي خطاب قد يُفهم على أنه “معادٍ للسامية” بغض النظر عن سياقه.
هذا الخلط بين انتقاد الاحتلال و عداء اليهود يجعل الساسة الألمان يتجنبون أي خطوة جريئة تجاه فلسطين.
النتيجة:
• معارضة خافتة
• مواقف محسوبة
• دعم كامل للكيان المحتل مهما تجاوزت الخطوط الحمراء

وهكذا يصبح الصمت موقفاً، والدعم العلني سياسة.

ثالثاً: التحالفات الغربية – عندما يكون الكيان جزءاً من «أمن الغرب»

ألمانيا العمود الفقري للاتحاد الأوروبي، والركيزة الأساسية لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
ومع أن السياسة الخارجية الأوروبية تبدو مستقلة أحياناً، فإنها في الواقع تتحرك في القضايا الكبرى وفق المصالح الأميركية.
وبما أن واشنطن تعتبر الكيان المحتل حليفاً استراتيجياً لا يمكن المساس به، فإن برلين تجد نفسها ضمن نفس المسار السياسي.

كما يربط بين الجانبين تعاون عسكري متقدم، أبرز مظاهره:
• يزويد الكيان بغواصات دولفين النووية
• تبادل تقني في مجالات الدفاع والمراقبة
• تعاون استخباراتي مستمر

رابعاً: الإعلام الألماني… رواية واحدة تهيمن على الشارع

الإعلام الألماني، من شبكات التلفزة العامة إلى الصحف الكبرى، غالباً ما يتبنى سردية أحادية:
• التركيز على “حق الكيان في الدفاع عن نفسها”
• تجاهل معاناة غزة والضفة
• تهميش الحق الفلسطيني
• شيطنة أي مقاومة كـ”تهديد إرهابي”

وبهذا تُصنع بيئة سياسية لا تجد فيها الحكومة الألمانية ضغوطاً داخلية تدفعها لإعادة تقييم موقفها.

خامساً: وهم الدولة الأخلاقية

بعد الحرب العالمية الثانية، أرادت ألمانيا أن تعيد تشكيل نفسها كـ”دولة إنسانية”، تقف مع القيم والعدالة وحقوق الإنسان.
لكن المفارقة أن هذا التوجه الأخلاقي تحوّل إلى انحياز مطلق في القضية التي تتطلب أكثر المواقف الإنسانية اتزاناً.

فكيف لدولة تدعي حماية حقوق الإنسان أن تُبرر قصف المدارس والمستشفيات؟
وكيف للضمير الذي يخشى تكرار الماضي أن يغضّ الطرف عن مآسٍ تُرتكب اليوم ضد شعب أعزل؟

ختاماً… مسؤولية لا تنتهي بلا شجاعة سياسية

ألمانيا اليوم في مفترق طرق:
هل تستمر في الانحياز التاريخي، أم تقترب من قراءة أعمق لمعاناة الفلسطينيين؟
هل تبقى أسيرة رواية واحدة، أم تملك الجرأة لتقول إن الضحية الأولى في التاريخ لا يمكن أن تكون جلاداً دائماً؟

إن العدالة لا تتجزأ، والتاريخ لا يعفي أحداً.
ومن واجب ألمانيا إن أرادت أن تكون دولة أخلاقية حقاً أن تنظر إلى فلسطين بذات العين التي تنظر بها إلى ماضيها، وأن تفهم أن الدفاع عن الاحتلال ليس دفاعاً عن اليهود، بل دفاع عن الظلم.

العالم يتغيّر… وعلى برلين أن تدرك ذلك.

اقرأ ايضًا :

أمريكا في مفترق الطرق.. صراع داخلي/خارجي وجرائم غزة تعيد رسم الأخلاق العالمية

الاكثر قراءة

اشترك معنا

برعايـــة

حقوق النشر محفوظة لـ أخبار الكويت © 2025
تم تصميمه و تطويره بواسطة

www.enogeek.com