في تطور اقتصادي بارز ينتظره العالم، أكّد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بناءً على محضر اجتماعه الأخير وتصريحات رسمية انتهاء سياسة التشديد الكمي (QT) بصورة تدريجية ابتداءً من 1 ديسمبر، في خطوة تُعد من أهم التحولات النقدية منذ بدء معركة السيطرة على التضخم قبل عامين.
ما هو التشديد الكمي (QT)؟
التشديد الكمي هو عملية مالية يقوم فيها الفيدرالي بتقليص ميزانيته عبر عدم شراء السندات الحكومية وترك السندات التي يملكها تستحق من تلقاء نفسها، ما يؤدي إلى سحب السيولة من النظام المالي ورفع تكلفة الاقتراض للحد من التضخم.
وبمعنى أوضح:
هو عكس التيسير الكمي (QE) الذي يطبع فيه البنك المركزي الأموال لضخ السيولة وتحفيز الاقتصاد.
اعتماد الولايات المتحدة هذه السياسة منذ 2022 كان بهدف تهدئة التضخم، لكن الوصول إلى الحد الأدنى الآمن من السيولة البنكية دفع الفيدرالي إلى إعلان وقت التوقف.
محضر رسمي: “غالبية الأعضاء يؤيدون إنهاء خفض الميزانية”
محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة (FOMC) ليومي 28–29 أكتوبر كشف أن غالبية صانعي القرار أيدوا إنهاء المرحلة الحالية من التشديد الكمي، نتيجة تراجع احتياطيات البنوك إلى مستويات “حسّاسة” تستدعي وقف عملية السحب.
وقال أحد بنود المحضر إن وقف QT بات ضرورياً “لضمان استقرار النظام المالي”.
عضو مجلس المحافظين يؤكد: الوقت مناسب لإنهاء QT :
وفي خطاب رسمي بتاريخ 19 نوفمبر، صرّح عضو مجلس المحافظين ستيفن ميران قائلاً:
“دعمتُ إنهاء التراجع في الميزانية فوراً… اللوائح البنكية والظروف الحالية تجعل استمرار التشديد خطراً على السيولة.”
تصريح يُعدّ تأكيداً مباشراً على توجه الفيدرالي نحو تغيير المسار.
ماذا يعني انتهاء التشديد الكمي للاقتصاد العالمي؟
انتهاء QT لا يعني العودة فوراً لطباعة الأموال، لكنه يحمل آثاراً واسعة، أبرزها:
• توقف سحب السيولة من الأسواق الأميركية.
• ارتفاع مستويات السيولة البنكية بعد أشهر من الانكماش.
• احتمال بدء دورة جديدة من التيسير لاحقاً إذا استدعت الظروف.
• تراجع نسبي محتمل لقوة الدولار عالمياً.
• تحسن شهية المخاطرة في الأسهم والعملات الرقمية والذهب.
• تأثيرات غير مباشرة على الاقتصادات الناشئة ومنها الخليج.
سبب القرار: الوصول إلى “الحد الأدنى الآمن من الاحتياطيات” :
بيانات الفيدرالي المنشورة في قسم اتجاهات الميزانية الحديثة تشير إلى انتقال النظام المالي الأميركي من مرحلة “الاحتياطيات الوفيرة” إلى “الاحتياطيات الكافية”، وهي النقطة التي عادةً ينهي عندها البنك المركزي سياسات التشديد الكمي لتجنب الضغط على البنوك.
الخلاصة :
اعتباراً من 1 ديسمبر، تدخل الولايات المتحدة مرحلة مالية جديدة مع إنهاء التشديد الكمي وهي خطوة مدعومة بالمحاضر الرسمية والتصريحات المباشرة من أعضاء الفيدرالي.
وتُعد هذه الخطوة نقطة تحوّل ستعيد تشكيل مسار السيولة، وأسعار الفائدة، والدولار، والأسواق العالمية خلال العام المقبل.
اقرأ أيضًا:
القفزة في إيجارات الإمارات تتواصل مع زيادة الطلب ونقص المعروض
