في تطور بارز يعكس رغبة أوروبية في إعادة بناء الشراكة الدفاعية مع بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد، خفّضت المفوضية الأوروبية القيمة المطلوب من لندن دفعها للانضمام إلى صندوق الدفاع الأوروبي ومنظومة إعادة التسلّح (SAFE) من 6.7 مليارات يورو إلى نحو 2 مليار يورو فقط، وذلك في محاولة لتقريب وجهات النظر قبل الموعد النهائي للمفاوضات المقرر نهاية الشهر الجاري.
وبرغم هذا التخفيض الكبير، فإن الحكومة البريطانية ما زالت متمسكة بعرض محدود للغاية لا يتجاوز 75 مليون يورو، وهو ما أثار حالة من الجدل داخل العواصم الأوروبية، خاصة في باريس وبرلين، حيث ترى بعض الدول أن مشاركة بريطانيا يجب أن تكون “عادلة ومتناسبة” إذا كانت شركاتها الدفاعية ستحصل على عقود أوروبية واسعة.
وتشير تقارير صحفية أوروبية إلى أن هذا الخفض جاء بعد أسابيع من المفاوضات، وسط انقسام داخل الاتحاد نفسه؛ فبينما تدفع دول مثل ألمانيا وهولندا والسويد نحو إغلاق الاتفاق سريعاً لتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية في ظل الحرب الأوكرانية، تُصر فرنسا على ضرورة فرض شروط واضحة، مؤكدة أن بريطانيا ينبغي أن تساهم بقدر يعكس حجم استفادتها المحتملة من العقود الصناعية والعسكرية.
وبحسب المعلومات المنشورة في الصحف الأوروبية، فإن انضمام بريطانيا للصندوق سيمنح شركاتها إمكانية الوصول إلى ما يصل إلى 50% من مشاريع التصنيع والتسليح الأوروبية، مقارنة بنسبة 35% المتاحة لها حالياً، رغم خروجها من الاتحاد.
وعلى الجانب البريطاني، ترفض لندن الاقتراض أو التمويل المشترك داخل برامج الاتحاد، وتطرح بديلاً يقوم على المساهمة في تكاليف الإدارة مقابل تعزيز فرص الشركات البريطانية في سوق السلاح الأوروبي.
ويأتي هذا الحراك في وقت تحاول فيه بروكسل ترسيخ ما تصفه بـ“الركيزة الدفاعية الأوروبية المستقلة”، كاستجابة مباشرة لتداعيات الحرب في أوكرانيا والمخاوف من تغيّر الموقف الأميركي داخل حلف الناتو، وهو ما يجعل التقارب الدفاعي مع بريطانيا جزءاً من استراتيجية أوسع لضمان الأمن الأوروبي في العقد المقبل.
وفي ظل استمرار الخلاف على حجم المساهمة، تبقى الأنظار متجهة نحو المفاوضات القادمة، وسط شكوك متزايدة حول ما إذا كانت بروكسل ولندن ستتمكنان من التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء المهلة المحددة.
