يشهد العالم، خلال الأشهر الأخيرة، تحولًا سياسيًا لافتًا، إذ اتجهت عدة دول أوروبية وغربية — بالإضافة إلى ذلك — إلى إعلان اعتراف رسمي بدولة فلسطين. ويُعدّ هذا التحول الأكبر من نوعه منذ اتفاق أوسلو قبل أكثر من ثلاثة عقود. كما أن هذه التطورات لم تعد مجرد مواقف رمزية؛ بل أصبحت مسارًا دبلوماسيًا مؤسسيًا يعيد تشكيل موازين القوى في ملف الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.
أولًا: ما الذي تغيّر فعليًا؟
خلال الفترة الممتدة بين يونيو وسبتمبر 2025، أعلنت عدة دول اعترافها الكامل بدولة فلسطين، بينما أكدت دول أخرى أنها تتجه نحو الخطوة ذاتها. وبعد ذلك، أصبح هذا الاعتراف أكثر وضوحًا من خلال بيانات رسمية وإجراءات برلمانية.
الدول التي أعلنت الاعتراف رسميًا:
- البرتغال – 21 سبتمبر 2025
- لوكسمبورغ – 22 سبتمبر 2025
- مالطا – أكدت اعترافها مسبقًا
- بلجيكا – ضمن إعلان أوروبي مشترك
- فرنسا – عبر خطاب رسمي للرئيس إيمانويل ماكرون
- أستراليا – بريطانيا – كندا (وفق تحليل Chatham House)
- أندورا – في بيان أوروبي موحد
وعلاوة على ذلك، فقد دعمت مصادر موثوقة مثل Reuters و Le Monde ووكالات حكومية هذه الاعترافات بشكل واضح.
ثانيًا: لماذا يحدث هذا التحول الآن؟
بحسب تحليل معهد Chatham House البريطاني، يعود القرار الأوروبي إلى ثلاثة أسباب رئيسية:
1) الفراغ السياسي المستمر
على مدى سنوات طويلة، عانت عملية السلام من جمود تام. لذلك، باتت العديد من العواصم الأوروبية ترى أن “إطار أوسلو” لم يعد يصلح لإحياء المفاوضات. وبالتالي، أصبح الاعتراف بالدولة الفلسطينية وسيلة لإعادة التوازن السياسي.
2) الضغط الشعبي والبرلماني
شهدت أوروبا موجة احتجاجات واسعة بعد التصعيد العسكري في غزة. وبسبب ذلك، اضطرت حكومات عديدة إلى اتخاذ خطوات عملية بدلًا من الاكتفاء ببيانات الشجب التقليدية.
3) دعم دولي متزايد لحلّ الدولتين
صوّت مجلس الأمن على القرار 2803، الذي يمهّد لمسار سياسي جديد. بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت الأمم المتحدة إعلانًا يُسرّع الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ثالثًا: ماذا يعني الاعتراف الأوروبي عمليًا؟
1) تعزيز الشرعية الدولية
اعتراف دول كبرى — مثل فرنسا والبرتغال وبلجيكا — يمنح الدولة الفلسطينية شرعية سياسية أقوى. كما أنه يعكس تحولًا في الموقف الأوروبي لأول مرة لصالح الفلسطينيين.
2) ضغوط متزايدة على إسرائيل
في المقابل، يرسل هذا الاعتراف رسالة واضحة بأن استمرار الوضع القائم لم يعد مقبولًا أوروبيًا. ومع ذلك، ما زالت بعض الدول تحاول الموازنة بين مواقفها السياسية ومصالحها الاستراتيجية.
3) إعادة إحياء حلّ الدولتين
وبسبب هذه التطورات، عاد ملف الدولة الفلسطينية إلى طاولة النقاش الدولي. كما تستعد الأمم المتحدة، وفق تقارير عديدة، لإعادة طرح الملف في مجلس الأمن خلال الفترة المقبلة.
رابعًا: كيف علّقت الدول الأوروبية؟
فرنسا: قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الاعتراف “خطوة ضرورية لإطلاق عملية السلام من جديد”.
لوكسمبورغ: صرّحت أن الاعتراف “التزام قانوني، وليس مجرد خطوة رمزية”.
البرتغال: أكدت أن الاعتراف يأتي “ضمن مسؤولية المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال”.
خامسًا: الموقف العربي والخليجي
رحّبت الدول العربية بهذا التحول الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، أكدت أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس منة سياسية، بل حق تاريخي. كما شددت دول الخليج على أن أي حل عادل يجب أن يقوم على دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
خاتمة: مرحلة جديدة تتشكّل في الشرق الأوسط
في النهاية، تشير جميع المعطيات إلى أن عام 2025 قد يكون بداية اعتراف دولي واسع بدولة فلسطين. وإذا استمر هذا الزخم، فقد تدخل القضية الفلسطينية مرحلة سياسية جديدة، حيث يتحول حلّ الدولتين — بعد سنوات طويلة من الجمود — إلى مشروع دولي قائم على اعترافات رسمية ومتتالية.
اقرأ أيضًا:

