في خطوة دبلوماسية غير متوقعة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة لن تشارك في قمة مجموعة العشرين المقررة هذا الشهر في جنوب أفريقيا. وأوضح أن القرار جاء احتجاجًا على ما اعتبره «انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان» داخل الدولة المستضيفة، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
وأكد ترامب أن إدارته لن تتجاهل ما يحدث في جنوب أفريقيا من «ممارسات تمييزية ضد بعض الفئات، وخاصة المزارعين البيض». وأضاف أن هذا الموقف يعكس التزام واشنطن بمبادئ العدالة والحرية حول العالم.
ردّ قوي من جنوب أفريقيا
في المقابل، انتقدت وزارة الخارجية الجنوب أفريقية قرار ترامب واعتبرته «مؤسفًا وغير مبرر». وأوضح المتحدث باسم الخارجية أن جنوب أفريقيا تلتزم دستورياً بمبدأ المساواة لجميع المواطنين دون أي تمييز عرقي أو ديني.
بالإضافة إلى ذلك، أكّد أن القمة ستُعقد في موعدها المحدد بمشاركة معظم قادة العالم، وأن غياب واشنطن لن يعرقل جدول أعمال القمة أو مسار التعاون الدولي داخل مجموعة العشرين.
توتر دبلوماسي متصاعد
يرى مراقبون أن الموقف الأميركي قد يزيد التوتر الدبلوماسي بين واشنطن وبريتوريا. ويرجع ذلك إلى أن جنوب أفريقيا تعتبر من أبرز الدول الداعية إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب، كما أنها تحافظ على علاقات وثيقة مع الصين وروسيا ضمن تحالف بريكس.
وبهذا المعنى، يبدو أن قرار المقاطعة يتجاوز البعد الحقوقي ليأخذ طابعًا سياسيًا واستراتيجيًا. إذ تحاول واشنطن الضغط على الدول الإفريقية التي تميل نحو المعسكر الشرقي.
سياسة أميركية أكثر تشددًا
علاوة على ذلك، يشير محللون إلى أن إدارة ترامب تعتمد نهجًا أكثر صرامة تجاه القارة الإفريقية. فهي ترى أن بعض الدول الإفريقية تمنح الصين وروسيا نفوذًا متزايدًا في مجالات الطاقة والتجارة والتكنولوجيا.
لذلك، تسعى واشنطن إلى إعادة التوازن في العلاقات الدولية عبر مواقف سياسية حازمة، مثل مقاطعة المؤتمرات أو تقليص المساعدات. وبهذه الطريقة، ترسل الإدارة الأميركية رسائل ضغط واضحة إلى العواصم الإفريقية.
أبعاد القرار على النظام الدولي
يرى خبراء السياسة الدولية أن غياب الولايات المتحدة عن قمة العشرين يحمل دلالات استراتيجية عميقة. فهو يعكس، من جهة، تمسك واشنطن بخطابها الأخلاقي حول حقوق الإنسان. ومن جهة أخرى، يكشف عن محاولة لعزل القوى الإفريقية المتحالفة مع الشرق في ظل إعادة تشكيل موازين القوى العالمية.
وبالإضافة إلى ذلك، يتيح غياب واشنطن فرصة لتحالف بريكس لتعزيز حضوره داخل القارة السمراء. فالقمة ستسمح للصين وروسيا بإظهار نفوذهما الاقتصادي والسياسي دون مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
تحليل “أخبار الكويت”
يرى محللو جريدة أخبار الكويت أن القرار الأميركي يمثل رسالة سياسية مزدوجة. فمن جهة، يؤكد ترامب أنه يدافع عن قيم الحرية والعدالة. ومن جهة أخرى، يُظهر سعي واشنطن إلى تطويق النفوذ الشرقي المتزايد في إفريقيا.
وبالتالي، فإن مقاطعة القمة لا تعني الانسحاب من المشهد الدولي، بل تعبّر عن إعادة تموضع أميركي محسوب في ظل تصاعد التنافس بين الشرق والغرب.
في الختام، يعيد قرار ترامب رسم خريطة التحالفات الدولية، ويؤكد أن القمم الاقتصادية أصبحت ساحة للصراع السياسي أكثر من كونها منتديات للتعاون.

