أثارت حادثة الطعن الجماعي التي وقعت على متن قطار متجه من دونكاستر إلى لندن جدلًا واسعًا في بريطانيا. إذ سارع بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى اتهام المسلمين قبل صدور أي بيان رسمي، في محاولة لإضفاء طابع ديني على الجريمة. أكدت التحقيقات أن المهاجم لا ينتمي إلى أي جماعة دينية، وأثار ذلك استياءً واسعًا بين الجاليات العربية والإسلامية.
بطولة سمير زيتوني
كشفت التحقيقات أن العامل في شركة السكك الحديدية البريطانية (LNER)، سمير زيتوني، وهو بريطاني من أصول مغاربية، تصدى للمهاجم المسلح بشجاعة وأنقذ عشرات الركاب. أصابت الحادثة سمير زيتوني بجروح خطيرة، ونقلته الطواقم الطبية إلى المستشفى في حالة حرجة، وقدّرت الشرطة والشركة تصرفه البطولي تقديرًا واسعًا.
وأكدت شرطة النقل البريطانية أن زيتوني أنقذ أرواح العشرات، فيما أعربت شركة LNER عن فخرها به واعتبرته رمزًا للتضحية والمسؤولية. وصف زملاؤه سمير زيتوني بأنه يتميز بالهدوء والانضباط، وتجسد شجاعته قيم التعايش التي يعتز بها أبناء الجاليات العربية في بريطانيا.
الاتهامات المسبقة
رغم وضوح الحقائق لاحقًا، استمرت بعض الحسابات المتشددة في نشر الاتهامات الزائفة، إذ زعمت أن المهاجم “متطرف مسلم”. حددت الشرطة البريطانية هوية الجاني باسم أنتوني ويليامز، وذكرت أنه بريطاني لا يرتبط بأي تنظيم ديني أو سياس
ويرى محللون أن هذه الاتهامات العشوائية تعكس تصاعد التوتر الاجتماعي. فبعض الأطراف تستغل الأحداث الأمنية لتأجيج الكراهية والانقسام في مجتمع متنوع كالمجتمع البريطاني. كما أشار الخبراء إلى أن انتشار الشائعات يعكس ضعف الوعي العام بخطورة الخطاب العنصري وتأثيره على التعايش الاجتماعي.
الإعلام والإسلاموفوبيا
أكدت المنظمات الحقوقية البريطانية أن الإعلام الموجّه الذي يركّز على هوية الجناة يزيد من الإسلاموفوبيا ويضاعف معاناة المسلمين اليومية. وطالبت هذه المنظمات وسائل الإعلام بالتحقق قبل النشر وتجنّب التعميم الذي يشوّه صورة الجاليات المسلمة.
كما أوضح خبراء الإعلام أن ربط الجرائم بالمسلمين بشكل متكرر يخلق أزمة ثقة بين فئات المجتمع. وأكدت الإحصاءات الرسمية أن معظم الحوادث لا دوافع دينية وراءها، لكن الخطاب العام ما زال يحمّل المسلمين المسؤولية، مما يهدد السلم الاجتماعي ويعمّق الانقسام.
سمير زيتوني… بطل يوحّد لا يفرّق
تحوّل اسم سمير زيتوني إلى رمز للوحدة والشجاعة، إذ أشادت به وسائل الإعلام والسياسيون في بريطانيا. رأى كثيرون أن بطولته تعكس قيم الإنسانية والتعايش، وتمثل الوجه الحقيقي للجاليات العربية والإسلامية في المملكة المتحدة.
وكتب أحد الركاب على منصة “إكس”:
“بينما نشر البعض الكراهية، كان سمير يضحي بنفسه لحماية الجميع، دون أن يسأل عن دين أو لون.”

