في تحذير جديد يعكس قلقاً عالمياً متزايداً، أطلق الملياردير الأميركي ومؤسس “مايكروسوفت” بيل غيتس سلسلة تصريحات حذّر فيها من “انهيار عالمي قادم” قد يهزّ الاقتصاد والصحة والتنمية خلال السنوات القليلة المقبلة. وأكد أن العالم يقف عند مفترق طرق خطير، وأن الإهمال في الاستعداد للأزمات سيقود إلى نتائج كارثية.
انهيار مالي في الأفق
في مقابلة أجراها عام 2024، شبّه غيتس الوضع الاقتصادي الحالي بفترة ما قبل أزمة 2008، قائلاً:
“أزمة مالية بحجم أزمة 2008 ستحدث مجددًا. لا يمكن تحديد موعدها، لكن وقوعها أمر محتوم.”
هذا التحذير أثار مخاوف الأسواق الدولية، خصوصاً أن اقتصادات عديدة، مثل دول الخليج، تعتمد على استقرار النظام المالي العالمي وأسعار الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، يرى محللون أن أي اضطراب مالي جديد قد يؤثر مباشرة على ميزانيات الدول النامية ويهدد برامج التنمية المستدامة.
علاوة على ذلك، أشار غيتس إلى أن التضخم وديون الدول المتصاعدة يشكلان “قنابل موقوتة” داخل النظام المالي العالمي، مما يزيد من احتمالات حدوث ركود اقتصادي طويل الأمد.
تراجع التعاون الدولي
وفي تصريحات أخرى خلال أكتوبر 2025، حذّر غيتس من تصدّع التعاون الدولي قائلاً:
“إذا استمر تراجع المساعدات والتنمية، سنشهد انهياراً كبيراً في التقدم البشري.”
هذه الرسالة تعكس قلقاً من الانعزال السياسي والاقتصادي الذي تمارسه بعض الدول الكبرى، والذي قد يؤدي إلى تراجع الدعم الموجّه للدول الفقيرة. لذلك، دعا غيتس إلى إعادة تنشيط آليات التعاون بين الحكومات والمؤسسات الدولية لضمان استمرارية برامج التنمية.
كما أن تراجع التمويل العالمي يهدد الأمن الغذائي والابتكار في مجالات التعليم والبحث العلمي، وهو ما يجعل التحرك الجماعي ضرورة لا خياراً.
أزمة صحية تلوح في الأفق
من جهة أخرى، رسم غيتس صورة قاتمة لمستقبل الصحة العالمية، قائلاً:
“عام 2025 قد يكون أول عام منذ عقود نشهد فيه تراجعًا في بقاء الأطفال على قيد الحياة.”
هذه التصريحات جاءت في ظل مخاوف من عودة أوبئة جديدة بسبب ضعف أنظمة الرعاية الصحية ونقص اللقاحات. بالإضافة إلى ذلك، يرى غيتس أن تقليص الإنفاق الصحي في بعض الدول سيؤدي إلى فجوات طبية خطيرة، قد تعيد البشرية سنوات إلى الوراء.
على سبيل المثال، أشار إلى أن العالم ما زال غير مستعد لوباء جديد رغم تجربة “كوفيد-19”، داعيًا إلى الاستثمار الفوري في البحوث الطبية واللقاحات الوقائية.
دلالات للكويت والخليج
من وجهة نظر إقليمية، تحمل تحذيرات غيتس رسائل مهمة لدول الخليج، وعلى رأسها الكويت. فالتقلبات الاقتصادية المحتملة قد تؤثر على أسعار النفط، مما يتطلب تعزيز التنويع الاقتصادي والاستثمار في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.
بالإضافة إلى ذلك، شدّد الخبراء على ضرورة بناء مخازن استراتيجية للأدوية ودعم البحث العلمي في الطب الوقائي لضمان الأمن الصحي في مواجهة الأزمات المستقبلية.
كما أن الكويت، بما تمتلكه من استقرار مالي وخبرة في إدارة الأزمات، يمكن أن تلعب دوراً محورياً في مبادرات التنمية الإقليمية والدولية، خصوصاً في مجالات التعليم والصحة.
خلاصة المشهد
رسالة بيل غيتس واضحة:
العالم يدخل مرحلة غير مستقرة من الأزمات الاقتصادية والصحية. لذلك، فإن الجاهزية والتعاون الدولي لم يعودا ترفاً بل ضرورة ملحّة.
وفي ظل هذه التحذيرات، يبدو أن الحكومات التي تستثمر في التكنولوجيا والبحث والوقاية ستكون الأكثر قدرة على الصمود أمام “الانهيار القادم” الذي قد يغيّر ملامح الاقتصاد العالمي لسنوات قادمة.

