بدأ البيت الأبيض هذا الأسبوع مشروعًا كبيرًا لهدم الجناح الشرقي التاريخي وبناء قاعة استقبال جديدة تتسع لنحو ألف شخص، لتصبح الأكبر في تاريخ المقر الرئاسي الأميركي. يهدف المشروع إلى تحديث المرافق واستيعاب فعاليات دولية كبرى، وتعزيز رمزية البيت الأبيض كواجهة للولايات المتحدة أمام العالم.
التمويل وتفاصيل المشروع
قدّرت الإدارة الأميركية تكلفة المشروع المبدئية بـ200 مليون دولار، ثم ارتفعت إلى نحو 300 مليون بعد إضافة تجهيزات تقنية وتشطيبات فاخرة. وأعلنت أن التمويل يعتمد على تبرعات من شركات كبرى وأثرياء، دون استخدام أموال دافعي الضرائب.
وأكدت مصادر رسمية أن جزءًا من التمويل جاء من تسويات قانونية بين الرئيس دونالد ترامب وشركات تكنولوجيا كبرى، مما جعل المشروع يحمل طابعًا سياسيًا واضحًا.
تسويات تحولت إلى تبرعات
دفعت شركة “يوتيوب” التابعة لغوغل 24.5 مليون دولار لتسوية قضية رفعها ترامب بعد إيقاف قناته عام 2021، وخصصت 22 مليونًا منها لتمويل القاعة. وساهمت منصة “إكس” بـ10 ملايين دولار، بينما قدّمت “ميتا” 25 مليون دولار وأُدرجت ضمن قائمة المانحين الرسميين.
كما شاركت شركات أخرى مثل أمازون وآبل ومايكروسوفت ولوكهيد مارتن. ورأى مراقبون أن المشروع يعكس التقاء مصالح السياسة والمال والتكنولوجيا في سابقة غير معتادة.
مراسم تدشين مثيرة للجدل
عرض البيت الأبيض النموذج المعماري للقاعة الجديدة خلال حفل خاص حضره ممثلو الشركات المانحة الذين تلقوا تذكارات فاخرة. وأثار الحدث انتقادات واسعة حول تنامي نفوذ الشركات داخل المؤسسة السياسية، خاصة مع احتمال حصولها على عقود تقنية تتعلق بالبنية الرقمية للمبنى.
جدل التراث والشفافية
اعترض خبراء التراث على هدم الجناح الشرقي، واعتبروا القرار خسارة وطنية لمعْلم تاريخي فريد. وحذر سياسيون من غياب الشفافية في مصادر التمويل بعد ورود أسماء شركات سبق أن دخلت في تسويات مع ترامب.
ورغم ذلك، أكدت الإدارة أن المشروع يحافظ على الطابع المعماري الأصلي ويتوافق مع القوانين المنظمة، موضحة أنه سيعزز قدرة البيت الأبيض على استضافة فعاليات دولية كبرى دون كلفة على الخزانة العامة.
بين الطموح والمخاطر
ترى الإدارة أن المشروع يمثل خطوة تحديث ضرورية للمقر الرئاسي، بينما يعتبر المعارضون أنه يربط المال الخاص بالقرار العام ويخلق تضاربًا في المصالح. ويرى محللون أن ترامب قد يوظف المشروع لإظهار استخدامه للتسويات القانونية لصالح الدولة.
الخلاصة
أصبح مشروع “قاعة الاستقبال الكبرى” موضوعًا جدليًا في الولايات المتحدة، إذ يجسد طموح التحديث ويثير في الوقت ذاته مخاوف تتعلق بالشفافية والمال السياسي. وبينما تصفه الإدارة بأنه رمز للتطوير، يرى منتقدون أنه تكريس لنفوذ الشركات الكبرى في صنع القرار. وهكذا، تتحول القاعة الجديدة إلى رمز لصراع متواصل بين السلطة والمال والمصلحة العامة في قلب واشنطن.

