الكويت – أخبار الكويت
تشهد ولاية ڤابس جنوب تونس حالة من القلق البالغ بعد تسجيل عدد من حالات التسمم والاختناق، في تطورات مأساوية يُعتقد أنها مرتبطة بشكل مباشر بانبعاثات صادرة عن مصانع الفوسفات والمواد الكيميائية المنتشرة في المنطقة. وقد دفعت هذه التطورات السكان إلى تنظيم وقفات احتجاجية غاضبة ومطالبة السلطات باتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة للحد من التلوث وحماية حقهم في بيئة صحية.
تسمم واختناق: الثمن الصحي للتلوث الصناعي
تُعدّ أزمة قابس البيئية في تونس مثالاً صارخاً على التحدي الذي يواجه الدول النامية في الموازنة بين النمو الصناعي والحفاظ على الصحة العامة. وبحسب تقارير إعلامية، فإن ارتفاع وتيرة الحالات الصحية الحرجة في المنطقة مرتبط بالانبعاثات الصناعية التي تطلقها مصانع الفوسفات التي تُعد شرياناً اقتصادياً حيوياً للبلاد.
تابعت السلطات التونسية المستجدات عن قرب، وعقدت اجتماعات طارئة مع المسؤولين المحليين لدراسة الوضع وإيجاد حلول عملية توازن بين استمرار النشاط الصناعي الضروري وحماية صحة المواطنين، خاصة بعد تزايد الضغط الشعبي.
التزام رئاسي ومطالب المجتمع المدني
الرئيس قيس سعيد أكد أن حماية المواطن تبقى أولوية قصوى للدولة، مشيراً إلى أن الحكومة ستعمل على مراجعة السياسات البيئية وتطبيق المعايير الدولية بما يضمن استمرار التنمية من دون الإضرار بالبيئة. ورغم أهمية هذا التأكيد الرئاسي، إلا أن المجتمع المدني يطالب بخطوات أبعد وأكثر فورية.
شددت جمعيات المجتمع المدني في قابس على أهمية الإسراع بوضع خطة طويلة المدى لمعالجة مشكلة التلوث الصناعي، معتبرة أن الوضع الحالي يستدعي:
- إجراءات ردع فورية: فرض رقابة صارمة على انبعاثات المصانع.
- خطة نقل استراتيجية: دراسة إمكانية نقل المصانع الملوثة بعيداً عن التجمعات السكانية على المدى الطويل.
- تطبيق المعايير الدولية: الالتزام بتكنولوجيات الإنتاج الأنظف.
فرصة تاريخية لتعزيز التنمية المستدامة
يرى مراقبون أن هذه الأزمة، رغم خطورتها وتأثيرها المباشر على السكان، قد تكون فرصة تاريخية لدفع ملف البيئة إلى صدارة الاهتمام العام في تونس. إنها تفرض تعزيز التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني لإيجاد حلول متوازنة تحقق التنمية الاقتصادية الضرورية وتضمن في الوقت ذاته صحة السكان وسلامة البيئة، بما يتماشى مع مفهوم التنمية المستدامة.
إن معالجة أزمة قابس البيئية تتطلب شجاعة في اتخاذ القرار، وإعطاء الأولوية للبعد الإنساني والصحي على المكاسب الاقتصادية قصيرة المدى.

