تبدأ إندونيسيا مرحلة جديدة من جهودها لحماية الصحة العامة والبيئة، إذ أعلنت الحكومة، اليوم الجمعة، عن بدء نقل السكان من محيط منطقة صناعية تبيّن أنها ملوثة بمادة السيزيوم-137 المشعة. ويؤكد هذا القرار أن السلطات رصدت مستويات مرتفعة من النظير المشع في منطقة تقع قرب العاصمة جاكرتا، مما أثار قلق المواطنين والجهات الرقابية.
اكتشاف التلوث وبدء التحقيقات
أوضح بارا حسيبوان، المتحدث باسم فرقة العمل الخاصة بالتلوث الإشعاعي في إندونيسيا، أن فرق المراقبة رصدت مستويات عالية من السيزيوم-137، وهو نظير مشع من صنع الإنسان تستخدمه الشركات عادة في تطبيقات صناعية متعددة، لذلك شرعت الحكومة في تنفيذ خطة طارئة لنقل السكان من المناطق المحيطة بالموقع الصناعي.
وأضاف حسيبوان أن الفرقة أنهت عملية إزالة التلوث في 20 من أصل 22 منشأة تم العثور فيها على آثار من هذه المادة الخطرة، مؤكدًا أن العمل لا يزال جاريًا في المنشأتين المتبقيتين لضمان خلوهما الكامل من أي آثار إشعاعية.
تفاصيل الحادثة والإجراءات المتخذة
بدأت الجهود الحكومية المكثفة بعد أن تم اكتشاف التلوث لأول مرة في أغسطس الماضي داخل دفعة من الجمبري (الروبيان) كانت شركة إندونيسية قد شحنتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وبناءً على ذلك، فرضت السلطات الأمريكية متطلبات جديدة لإصدار الشهادات الصحية لواردات الجمبري والتوابل القادمة من إندونيسيا، نتيجةً لذلك تحركت الجهات الإندونيسية بسرعة للتحقق من مصدر التسرب المشع ومنع تكرار الحادثة.
استخدامات السيزيوم-137 ومخاطره
يذكر الخبراء أن السيزيوم-137 يعد من النظائر المشعة التي تتسرب أحيانًا إلى البيئة نتيجة التجارب النووية أو الكوارث الكبرى مثل تشيرنوبل وفوكوشيما.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الشركات هذا العنصر في بعض التطبيقات الصناعية، مثل عمليات قياس الكثافة وعمق الآبار النفطية.
لكن في المقابل، فإن سوء استخدامه أو التخلص غير الآمن منه يمكن أن يؤدي إلى تلوث بيئي واسع النطاق، كما حدث في الحادثة الأخيرة التي تشهدها إندونيسيا.
غياب المنشآت النووية في البلاد
من الجدير بالذكر أن إندونيسيا لا تمتلك أسلحة نووية أو محطات طاقة نووية، وهو ما يجعل الحادث الحالي مرتبطًا على الأرجح بمصدر صناعي وليس بنشاط نووي مخصص للطاقة أو التسليح.
ولهذا السبب، تواصل السلطات تحقيقاتها لمعرفة الجهة المسؤولة عن التسرب، مع التركيز على الشركات العاملة في القطاع الصناعي التي تستخدم النظائر المشعة في عملياتها الإنتاجية.
إجراءات وقائية لحماية السكان
علاوة على ذلك، أعلنت الحكومة عن إطلاق حملة توعية للسكان المحليين لتوضيح المخاطر المحتملة وكيفية التعامل الآمن مع المواد المشعة.
كما أن فرق الطوارئ تعمل حاليًا على إجراء فحوصات إشعاعية شاملة في المنطقة المتأثرة، وبعد ذلك سيتم تقييم الوضع البيئي والصحي قبل السماح بعودة السكان إلى منازلهم.
في المقابل، شددت وزارة البيئة الإندونيسية على أن الوضع تحت السيطرة وأنه لا توجد مؤشرات على انتشار الإشعاع خارج نطاق المنطقة الصناعية.
التعاون الدولي والتأثير الاقتصادي
نتيجةً لذلك الحادث، تأثرت بعض الصادرات الإندونيسية مؤقتًا، لكن مع ذلك تعمل الحكومة على استعادة ثقة الأسواق العالمية من خلال تشديد الرقابة وتحسين معايير السلامة في المصانع والمرافئ.
كذلك يجري التنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) لتقديم الدعم الفني في اختبارات القياس الإشعاعي وضمان الالتزام بالمعايير الدولية.
خلاصة
تُبرز هذه الأزمة أن التعامل غير الآمن مع المواد المشعة يؤدي إلى أزمات بيئية واقتصادية حتى في الدول التي لا تمتلك برامج نووية.
وبناءً على ذلك، تبرز أهمية تعزيز نظم المراقبة الصناعية والتفتيش المستمر لضمان سلامة السكان والبيئة على حد سواء.

