في ظل التوترات الاقتصادية العالمية، تظل المقترحات القادمة من الولايات المتحدة، لا سيما تلك المتعلقة بالسياسات التجارية والهجرة التي يروج لها الرئيس السابق دونالد ترامب، موضع تحليل دقيق. يتساءل الخبراء عما إذا كانت هذه الإجراءات، مثل فرض رسوم جمركية شاملة وتشدد سياسات الهجرة، ستؤدي إلى “ركود تضخمي خفيف”.
1. التضخم والفائدة: الوضع الاقتصادي الراهن في أمريكا
تشير أحدث البيانات الأمريكية إلى تضخم سنوي عند 2.9%، ما يبقي الضغوط السعرية تحت السيطرة نسبيًا.
- سياسة الفيدرالي: خفّض الاحتياطي الفيدرالي نطاق الفائدة إلى 4.00–4.25%، مع ترجيحات لخفض إضافي إذا استمرت مؤشرات ضعف سوق العمل. هذا يؤكد أن السياسة النقدية الأمريكية لا تزال حذرة تجاه النمو.
- العجز المالي: يتجه عجز السنة المالية 2025 نحو 1.8 تريليون دولار، مما يضع ضغوطاً مالية هيكلية.
2. تأثير المقترحات الترامبية: الرسوم والهجرة
التحليل الاقتصادي يُحذر من أن المزيج الناتج عن سياسات ترامب الاقتصادية يمكن أن يخلق سيناريو “قاتلاً”:
السياسة المقترحة | الأثر الاقتصادي المتوقع (نمذجة بيترسون وبن وارتون) |
رسوم جمركية شاملة (10-20%) | نمو أبطأ، تضخم أعلى، تقلص صافي الإيرادات بسبب الردود الانتقامية. |
التشدد في إنفاذ الهجرة | خفض النمو الأمريكي (بين 0.5 و1.5 نقطة مئوية)، تأثير تضخمي متواضع (+0.15 نقطة في 2025)، وارتفاع العجز التراكمي. |
يكمن الخطر الأكبر في المزج بين الرسوم التي ترفع الأسعار ونقص العمالة الناتج عن الهجرة الذي يضغط على التكاليف. هذا المزيج يمكن أن يخلق ملامح ركود تضخمي خفيف.
3. ما تعنيه هذه السياسات للكويت والخليج؟
تنتقل صدمات الاقتصاد الأمريكي بسرعة إلى منطقة الخليج عبر ثلاث قنوات رئيسية:
قناة أسعار الفائدة وسعر الصرف:
- ربط العملات: معظم عملات الخليج مربوطة بـ الدولار الأمريكي، مما يعني أن تشديد/تيسير السياسة النقدية الأمريكية ينتقل سريعًا إلى المنطقة عبر أسعار الأصول والائتمان.
- الكويت والسياسة النقدية: يمنح ربط الدينار بسلة عملات بعض الحماية من صدمات الدولار الصرفة، بهدف امتصاص التضخم المستورد وتعزيز الاستقرار السعري، لكنها لا تعزل الاقتصاد عن دورة الفائدة الأمريكية.
قناة أسعار النفط والنشاط الاقتصادي:
- التجارة العالمية: تصاعد الرسوم والقيود التجارية عالميًا يضغط على التجارة والنمو، مما يضعف الطلب على الطاقة.
- سعر النفط: هبوط خام غرب تكساس الوسيط إلى نحو 57 دولاراً يبرز هشاشة التوازن بين المعروض والطلب، وهو عامل حساس لـ إيرادات المالية العامة في الخليج.
قناة التجارة والاستثمار:
- أي تصعيد جمركي واسع يرفع كلفة السلع الوسيطة ورأس المال المستورد، مما يؤثر في قرارات الاستثمار المتبادل بين الولايات المتحدة ودول الخليج.
خلاصة: الحماية الخليجية والسياسة الاحترازية
المشهد الاقتصادي ليس “محتومًا” ولكنه محفوف بالمخاطر. يواجه الخليج تحدي تكاليف تمويل أعلى وتقلبات في أسعار الواردات بسبب انتقال صدمات الفائدة الأميركية وتصاعد الرسوم عالميًا. لذلك، تبقى السياسة الاحترازية الكلية، وإدارة الدين العام، وتسريع التنويع الاقتصادي في القطاعات غير النفطية، أدوات الحماية الأهم لـ الاقتصاد الكويتي والخليجي ضد اضطرابات واشنطن.