أُطلقت حملة إعلامية جديدة بعنوان “الخريطة الصحيحة” (The Correct Map Campaign) للفت الانتباه إلى أحد أبرز أشكال التشويه البصري في الخرائط العالمية. الهدف هو كشف حجم قارة أفريقيا الحقيقي، الذي تم تقليصه بشكل كبير على معظم الخرائط المتداولة، في مقابل تضخيم أحجام دول أخرى، خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية.
لماذا تبدو أفريقيا صغيرة على الخرائط؟
يعود هذا التشويه إلى استخدام إسقاط “ميركاتور” (Mercator Projection)، الذي ابتكره الأوروبيون في القرن السادس عشر لأغراض الملاحة البحرية. ورغم فائدته للملاحة، فإنه يشوه أحجام القارات، حيث تبدو أوروبا وأمريكا الشمالية أكبر بكثير من واقعها. كمثال صادم، تظهر غرينلاند على الخرائط بحجم يقارب قارة أفريقيا، بينما في الحقيقة، تزيد مساحة أفريقيا عن غرينلاند بـ 14 ضعفًا. هذا التشويه ليس مجرد خطأ فني، بل يحمل أبعادًا سياسية وثقافية عميقة.
أفريقيا: القارة العملاقة بالأرقام
تهدف حملة “الخريطة الصحيحة” لتصحيح الوعي العالمي بتقديم الحقائق الجغرافية التالية:
- مساحة هائلة: تبلغ مساحة قارة أفريقيا نحو 30 مليون كيلومتر مربع.
- تتسع للجميع: يمكن لـ أفريقيا أن تستوعب داخل حدودها دولًا ضخمة مثل الولايات المتحدة، والصين، والهند، وأوروبا مجتمعة.
- تأثير ثقافي: هذا التشويه ترسخ عبر عقود وأثر على نظرة العالم للقارة، وقلل من مكانتها في الوعي العالمي.
أبعاد سياسية وتصحيح تاريخي
هذه الخرائط المشوهة ساهمت في تعزيز صورة أوروبا كقارة “كبرى” مقابل تقليل شأن أفريقيا ومواردها. لهذا، فإن إعادة الحجم الحقيقي لأفريقيا على الخريطة يعتبر خطوة في مسار أوسع نحو تصحيح السرديات العالمية التي طالما همّشت القارة. وقد لاقى هذا الطرح صدى واسعًا في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، حيث دعا مثقفون وباحثون إلى ضرورة إدخال الخرائط المعدّلة في المناهج الدراسية.
الخلاصة
لا تقتصر أهمية حملة “الخريطة الصحيحة” على الجانب الجغرافي فقط، بل تتجاوز ذلك إلى إعادة بناء الوعي العالمي. إن ظهور أفريقيا بحجمها الحقيقي يفرض علينا رؤيتها كقارة عملاقة بمواردها وتاريخها ومستقبلها، لا مجرد مساحة مصغرة على خرائط مشوهة.
