أثارت تسريبات محاضرات الملياردير الأميركي بيتر ثيل، أحد أبرز عقول وادي السيليكون ومؤسس شركتي بالانتير وباي بال، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والفكرية. تناول ثيل في هذه الجلسات ما وصفه بـ“خطر المسيح الدجال”، وربط الفكرة بمستقبل الولايات المتحدة والعالم.
محاضرات سرّية وتسريبات علنية
قدّم ثيل سلسلة محاضرات بعنوان “المسيح الدجال: أربع أجزاء” في سان فرانسيسكو بعيداً عن الإعلام. طلب من الحاضرين عدم التسجيل أو النشر، لكن التسريبات خرجت سريعاً إلى العلن. انتشرت تسجيلات وملاحظات من الجلسات، وبدأت التحليلات تتوالى.
ورأى كثيرون أن التسريب لم يكن صدفة، بل جزء من صراع حول حرية الفكر داخل وادي السيليكون.
التنظيم التكنولوجي بوابة “الدجّال”
حذّر بيتر ثيل من أن الرقابة على التكنولوجيا، خصوصاً الذكاء الاصطناعي، تمثل خطراً على مستقبل البشرية. واعتبر أن من يفرض القيود على الابتكار ينتمي، حسب تعبيره، إلى “جيش المسيح الدجال”.
ذكر ثيل شخصيات مثل غريتا تونبرغ وإلييزر يودكوفسكي، واتهمهما بترويج خطاب يخدم نظاماً عالمياً مركزياً يقيّد الحرية والابتكار.
وأوضح أن الخطر الحقيقي يأتي من استخدام قضايا المناخ أو الذكاء الاصطناعي كذرائع للسيطرة السياسية.
تحذير من انهيار أميركي وشيك
أكد ثيل أن الولايات المتحدة قد تنهار إذا خضعت لسياسات الخوف والرقابة. وشدّد على أن خسارة السباق التكنولوجي ستضعف القوة الأميركية عالمياً.
وأشار إلى أن بعض الشخصيات البارزة، مثل بيل غيتس، تجسد ملامح “المسيح الدجال” في رمزيته، لكنه لم يذكر أسماء مباشرة.
وأوضح أن ربط الدين بالتكنولوجيا يهدف إلى كشف الصراع بين الابتكار والقيود الحكومية.
الثروة كأداة مقاومة
كشف ثيل أنه نصح إيلون ماسك بعدم التبرع بأمواله لمؤسسات خيرية. واعتبر أن الثروة يجب أن تُستخدم بذكاء لمواجهة “القوى المركزية” التي تسعى للهيمنة باسم القوانين أو الأزمات.
وقال إن المال ليس وسيلة رفاهية، بل سلاح في معركة الحرية ضد السيطرة العالمية.
ردود فعل متباينة
أثارت المحاضرات انقساماً واسعاً. رأى باحثون أن ثيل يستخدم لغة دينية لتفسير الصراع التكنولوجي، بينما حذّر آخرون من أن أفكاره قد تبرر رفض الرقابة على شركات التقنية الكبرى.
في المقابل، دافع مؤيدوه عنه، مؤكدين أنه يحذّر من خطر البيروقراطيات العالمية التي تهدد الابتكار.
وأشاروا إلى أن أفكاره تمثل نداءً للدفاع عن الحرية الفكرية في مواجهة الأنظمة المركزية.
أبعاد فكرية وسياسية
تُظهر التسريبات أن بيتر ثيل لم يعد ينظر إلى التكنولوجيا كأداة اقتصادية فقط، بل كمعركة فلسفية ودينية حول مستقبل البشرية.
طرح ثيل أسئلة جوهرية:
هل يتحول الخطاب التكنولوجي إلى معركة وجودية بين الحرية والسيطرة؟
أم أن استخدام الرموز الدينية مجرد وسيلة لتبرير صراع سياسي واقتصادي بين كبار وادي السيليكون؟
في النهاية، يظل بيتر ثيل شخصية مثيرة للجدل. فالبعض يراه مفكراً ثورياً يدافع عن حرية الابتكار، بينما يراه آخرون صاحب أفكار مؤامراتية تربط الدين بالتكنولوجيا لخدمة مصالحه الفكرية والاقتصادية.