مقدمة: أثار إعلان الولايات المتحدة إرسال نحو 200 جندي إلى إسرائيل جدلاً واسعاً. وتأتي هذه الخطوة لدعم ومراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. مع ذلك، يرى مراقبون أن التجارب السابقة تجعل من الصعب ضمان بقاء المهمة في حدودها المعلنة، على الرغم من تأكيدات واشنطن بأنها مهمة غير قتالية.
مهمة “غير قتالية” بتاريخ دموي
رسمياً، يقتصر دور القوات الأمريكية على التنسيق اللوجستي والإشراف على المساعدات. وسيتم ذلك عبر مركز تنسيق مدني-عسكري لمتابعة الهدنة. لكن التاريخ يذكرنا بأن مثل هذه المهام “غير القتالية” كثيراً ما تنزلق إلى مواجهات مباشرة.
على سبيل المثال، ما حدث في بيروت عام 1983 كان كارثياً، حين قُتل 241 جندياً أمريكياً في تفجير واحد. وبالمثل، في مقديشو عام 1993، تحولت عملية إنسانية إلى معركة دموية عُرفت بـ”سقوط الصقر الأسود”.
الشرعية الدستورية: منطقة رمادية
من الناحية الدستورية، يتمتع الرئيس الأمريكي بسلطات واسعة لنشر قوات محدودة. ولكن، دخول تلك القوات في أعمال قتالية يفعّل “قانون صلاحيات الحرب” لعام 1973. ويلزم هذا القانون الرئيس بإخطار الكونغرس خلال 48 ساعة، ويحدد بقاء القوات بـ 60 يوماً فقط دون تفويض.
حتى الآن، لم يصدر أي تفويض جديد خاص بغزة. لهذا السبب، تقع هذه الخطوة في منطقة رمادية بين صلاحيات الرئيس والكونغرس، معتمدة فقط على تبرير أنها “غير قتالية”.
سيناريو الكابوس: ماذا لو سقط قتيل أمريكي؟
يبقى السيناريو الأكثر حساسية هو مقتل أحد الجنود الأمريكيين. حينها، ستواجه واشنطن خيارين كلاهما مكلف:
- التصعيد العسكري: وهذا قد يجرها إلى صراع أوسع في المنطقة.
- الانسحاب السريع: وهذا قد يُنظر إليه على أنه تراجع استراتيجي وهزيمة.
في كلتا الحالتين، ستدخل الولايات المتحدة في دوامة من الجدل الداخلي والضغوط الخارجية.
هل يتعلم التاريخ من دروسه؟
في الختام، يؤكد محللون أن نشر القوات الأمريكية قرب غزة قد يبدو خطوة “محدودة” اليوم. إلا أنه يحمل في طياته احتمالات الانزلاق إلى مواجهة مباشرة. وبالتالي، ومع تاريخ أمريكي مثقل بتجارب مشابهة، يبقى السؤال: هل تتكرر الدروس المؤلمة للبنان والصومال، أم أن واشنطن ستنجح هذه المرة في إبقاء جنودها بعيداً عن نيران القتال؟