أثار قرار منح جائزة نوبل للسلام لعام 2025 للمعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو جدلاً واسعاً، حيث تتحول الجوائز العالمية أحياناً من رموز للأمل إلى أدوات سياسية. ففي وقت تعيش فيه غزة واحدة من أشرس حروبها، وتبحث فنزويلا عن مخرج لأزمتها السياسية، جاء هذا التكريم ليصفه الكثيرون بأنه “سلام مُسَيَّس”، لا يُنصف ضحايا العنف ولا ينسجم مع معايير العدالة الدولية.
جدل التوقيت: لماذا تُمنح نوبل للسلام وسط حرب غزة؟
في لحظة تتصاعد فيها أصوات القصف وتتعالى النداءات لوقف الإبادة في غزة، جاءت الجائزة لتكرّم شخصية سياسية أثارت الجدل. فقد ارتبط اسم ماريا ماتشادو بتغريدات وتصريحات وُصفت بأنها داعمة لإسرائيل وخطابها العسكري. هذا الموقف طرح تساؤلات حادة حول نزاهة معايير جائزة نوبل.
أبرز النقاط التي أثارت الجدل:
- تصريحات داعمة لإسرائيل: أعلنت ماتشادو بوضوح أنها ستنقل سفارة فنزويلا إلى القدس إذا وصلت إلى الحكم.
- تبرير الحرب: أكدت دعمها لحق إسرائيل في الحرب، وهو ما يتناقض مع جوهر جائزة السلام.
- تجاهل معاناة غزة: تزامن الجائزة مع حرب شرسة يعيش فيها المدنيون تحت القصف والدمار، مما أثار استياءً واسعاً في العالم العربي.
فالسؤال الذي يطرحه الكثيرون: كيف يمكن لمن يحمل خطاباً يُبرر العنف أن يتقلّد وسام “السلام”؟
ماتشادو ونوبل: شرعية دولية في قلب الأزمة الفنزويلية
في الداخل الفنزويلي، لا تزال الأزمة السياسية محتدمة. الرئيس نيكولاس مادورو متمسك بالسلطة بعد انتخابات 2024 المثيرة للجدل، والتي أدى بعدها اليمين الدستورية مطلع عام 2025. في المقابل، ترفض المعارضة هذه النتائج وتعتبر أن ماريا ماتشادو هي الفائزة الحقيقية.
في هذا المشهد المأزوم، يبدو منح جائزة نوبل للسلام 2025 لماتشادو وكأنه رسالة سياسية واضحة، تهدف إلى:
- إضفاء شرعية دولية على المعارضة الفنزويلية.
- إبراز ماتشادو كبديل جاهز للحكم.
- زيادة الضغط على حكومة مادورو التي ترفض دول كبرى الاعتراف بشرعيتها.
ازدواجية المعايير: هل فقدت جائزة نوبل مصداقيتها؟
يرى النقاد أن هذا القرار يمثل مثالاً صارخاً على ازدواجية المعايير الدولية. فبينما ترفع لجنة نوبل شعار “السلام”، فإنها تُغض الطرف عن معاناة الفلسطينيين وتختار تكريم شخصية مرتبطة بصراع داخلي معقد، وذات خطاب خارجي يبرر العنف. النتيجة أن الجائزة، بدلاً من أن تُعزز الثقة العالمية في قيم السلام، تحوّلت إلى أداة في لعبة المصالح السياسية الكبرى.
الخاتمة: في عام 2025، وبين غزة الجريحة وفنزويلا المنقسمة، فقدت جائزة نوبل للسلام جزءاً من بريقها الأخلاقي، لتتحول إلى رمز للجدل السياسي أكثر من كونها تكريماً لصانعي السلام. ويبقى السؤال مفتوحاً: متى تستعيد هذه الجائزة معناها الحقيقي، وتُمنح حقاً لمن يصنعون السلام على الأرض لا لمن يبررون الحرب في خطاباتهم؟