كشفت وزارة العدل الأمريكية في الثامن من أكتوبر عن اعتقال الشاب الأمريكي جوناثان ريندركنيخت (29 عامًا) في ولاية فلوريدا، بعد اتهامه بإشعال حريق صغير في لوس أنجلوس تحوّل لاحقًا إلى الكارثة المعروفة باسم “حريق باليسيدس”، الذي يُعد من أكبر الحرائق في تاريخ المدينة الحديث.
بدأت القصة عندما أشعل المتهم نارًا محدودة فجر رأس السنة في غابات جافة غرب لوس أنجلوس مستخدمًا ولاعة كان يحملها. ورغم الاستجابة السريعة من فرق الإطفاء التي ظنت أنها أطفأت النيران بالكامل، بقيت النيران مشتعلة تحت التربة وبين جذور الأشجار. وبعد ساعات، ومع اشتداد الرياح وارتفاع درجات الحرارة، اشتعلت النيران مجددًا وتحولت إلى حريق ضخم غطّى سماء المدينة بالدخان واللهب.
خسائر بشرية ومادية
استمر الحريق لعدة أيام، وأدى إلى وفاة 12 شخصًا وتدمير أكثر من 6,800 مبنى سكني وتجاري. كما أُجبر آلاف السكان على مغادرة منازلهم وسط دمار واسع. وأتت النيران على 23,400 فدان من الأراضي، مسببة خسائر بمليارات الدولارات.
وصفت السلطات المحلية الحريق بأنه الأشد تدميرًا في تاريخ لوس أنجلوس، فيما أكد خبراء البيئة أنه تسبب بتلوث هوائي واسع النطاق امتد إلى مناطق بعيدة، ما فاقم معاناة السكان حتى بعد إخماده.
أدلة تدين المتهم
أعلنت الشرطة أن العثور على ولاعة داخل سيارة المتهم شكّل دليلًا رئيسيًا ضده، إذ تطابقت مع ولاعة ظهرت في صور داخل شقته. كما كشفت مراجعة بياناته الإلكترونية أنه أجرى محادثات تتضمن صورًا لمدينة تحترق واستفسارات عن العقوبات القانونية لإشعال النار عمدًا أو بالخطأ.
وبناءً على الأدلة، خلص المحققون إلى أن الحريق لم يكن عرضيًا. وتمت إحالة القضية إلى النيابة الفيدرالية التي بدأت إجراءات صارمة نظرًا لحجم الكارثة.
المحاكمة والعقوبات
ذكرت وزارة العدل الأمريكية أن ريندركنيخت يواجه تهمة إشعال النار عمدًا في ممتلكات فيدرالية، وهي جريمة قد تصل عقوبتها إلى السجن 20 عامًا في حال الإدانة. وأكدت أن المحاكمة ستُجرى أمام القضاء الفيدرالي مع مراعاة الخسائر البشرية والمادية الهائلة.
وأشار المدّعون إلى أن القضية تختبر صرامة القوانين الأمريكية ضد الحرائق المتعمدة، خاصة مع تزايد الكوارث البيئية بسبب التغير المناخي والإهمال البشري.
ردود الفعل العامة
رحبت عمدة لوس أنجلوس كارين باس باعتقال المتهم، واعتبرته خطوة نحو العدالة وطمأنة المتضررين. وأكدت أن المدينة ستواصل إعادة الإعمار وتعويض العائلات. عبّر السكان عن ارتياحهم بعد الغموض، بينما انتقد آخرون فرق الإطفاء لعدم إخماد الحريق تمامًا.
في المقابل، دعت منظمات مدنية إلى تشديد الرقابة وتحديث خطط الطوارئ للحد من السلوكيات المتهورة المسببة للكوارث.
دروس من المأساة
يُعد حريق باليسيدس مأساة إنسانية وبيئية كبرى، لكنه أيضًا درس قاسٍ في خطورة الإهمال والاستهتار بالنار. ويأمل كثيرون أن تسهم الحادثة في زيادة الوعي البيئي والمجتمعي، وتشجع على الالتزام بإجراءات السلامة لتفادي تكرار الكوارث مستقبلًا.