تشهد دول أوروبية منذ مطلع عام 2025 تصاعدًا في الدعوات الشعبية لمقاطعة المنتجات الأميركية، نتيجة للسياسات الاقتصادية والجمركية التي تبنتها واشنطن مؤخرًا، والتي اعتبرتها بروكسل إجراءات أحادية تمس مبدأ الشراكة التجارية. هذا الغضب لم يقتصر على الحكومات، بل امتد إلى الشارع الأوروبي.
خلفية الأزمة
بدأت الأزمة في مارس الماضي عندما فرض الاتحاد الأوروبي رسومًا مضادة بقيمة 26 مليار يورو على سلع أميركية تشمل الجينز والدراجات النارية والمنتجات الزراعية. جاء القرار ردًا على الرسوم الأميركية على الحديد والألومنيوم الأوروبيين. نتيجة لذلك، اشتعلت حملات المقاطعة الشعبية التي دعت لتقليل الاعتماد على المنتجات الأميركية.مظاهر المقاطعة
مظاهر المقاطعة
اتخذت المقاطعة أشكالًا مختلفة.
في الدنمارك، ميّزت المتاجر الكبرى المنتجات الأوروبية لتسهيل تجنب البضائع الأميركية.
وفي فرنسا، أطلق نشطاء تطبيقًا إلكترونيًا يعرّف المستهلك بالشركات المرتبطة بالولايات المتحدة.
كما انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مجموعات تدعو إلى استبدال المنتجات الأميركية ببدائل أوروبية أو محلية.
هذه التحركات تعكس رغبة أوروبية متزايدة بالاستقلال الاقتصادي.
التأثيرات الاقتصادية
يرى الخبراء أن التأثير الاقتصادي المباشر للمقاطعة محدود، لكن أثرها النفسي واضح.
فالمنتجات التكنولوجية الأميركية لم تتأثر كثيرًا لغياب البدائل القوية.
بينما واجهت السلع الاستهلاكية مثل الملابس والمشروبات ضغوطًا أكبر بسبب تفضيل المستهلكين دعم الإنتاج المحلي.
علاوة على ذلك، زادت بعض الشركات الأميركية استثماراتها الأوروبية وأطلقت حملات ترويجية تُبرز التزامها بالأسواق المحلية لتجنب فقدان ثقة المستهلك الأوروبي.
التأثيرات السياسية
تحمل المقاطعة رسالة سياسية رمزية، إذ يستخدم المستهلك الأوروبي سلة التسوق للتعبير عن رفضه لسياسات واشنطن.
كما شكّل الحراك الشعبي ضغطًا على الحكومات الأوروبية لتبني مواقف أكثر حزمًا في المفاوضات التجارية.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه الظاهرة قد تزيد الفجوة السياسية بين ضفتي الأطلسي وتدفع أوروبا للبحث عن تحالفات اقتصادية جديدة مع آسيا وأميركا اللاتينية.
أبعاد اجتماعية وثقافية
لا تقتصر المقاطعة على الاقتصاد والسياسة فقط، بل تمتد إلى الهوية الثقافية الأوروبية.
فالمستهلك الأوروبي بات يربط قراراته الشرائية بقيم الاستقلال والكرامة الاقتصادية.
كما أصبحت المقاطعة وسيلة وعي جماعي تربط بين السلوك الفردي والمصلحة العامة.
تقييم عام
تُظهر المقاطعة الأوروبية للمنتجات الأميركية تحولًا في وعي المستهلك الأوروبي، الذي لم يعد يتعامل مع الشراء كفعل اقتصادي فحسب، بل كخيار سياسي أيضًا.
ورغم أن تأثيرها العالمي محدود حاليًا، إلا أنها تعكس رغبة متنامية في تحقيق توازن اقتصادي مع واشنطن.
ومع استمرار هذا الاتجاه، قد تتحول المقاطعة مستقبلًا إلى سياسة أوروبية أكثر تنظيمًا واستدامة.