دخلت العلاقات الأميركية – الفنزويلية مرحلة جديدة من التوتر، بعد أن أبلغت الإدارة الأميركية الكونغرس بأنها تعتبر نفسها في “نزاع مسلح غير دولي” مع جماعات تهريب المخدرات التي تنطلق من فنزويلا. وبالتالي، أصبح الوضع أكثر حساسية على المستوى السياسي والقانوني، وقد يؤثر على توازن القوى في أميركا اللاتينية.
خلفيات النزاع
منذ سنوات، تتهم واشنطن حكومة الرئيس نيكولاس مادورو بغض الطرف عن أنشطة تهريب المخدرات عبر البحر الكاريبي. بل، يعتقد المسؤولون الأميركيون أن كراكاس تسهّل مرور شحنات ضخمة إلى أميركا الشمالية وأوروبا. بالإضافة إلى ذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية واسعة على فنزويلا، لكن هذه المرة تصنيف المواجهة كـ “نزاع مسلح” يحمل دلالات جديدة في السياسة الخارجية.
على سبيل المثال، هذا التصنيف قد يفتح الباب لتوسيع العمليات العسكرية الأميركية خارج النصوص التقليدية، وهو ما يثير جدلاً على المستوى الدستوري.
أبعاد قانونية ودستورية
المذكرة التي رفعها البيت الأبيض للكونغرس أثارت نقاشًا واسعًا حول صلاحيات الرئيس. ففي العادة، إعلان “نزاع مسلح” يحتاج لتفويض صريح من السلطة التشريعية. وبالتالي، يرى خبراء أن استخدام هذا التوصيف قد يكون التفافًا على النصوص الدستورية التي تُقيّد صلاحيات الرئيس في إعلان الحرب. لذلك، قد يواجه الكونغرس اختبارًا صعبًا: إما منح غطاء قانونيًا لتوسيع العمليات، أو فرض قيود على الإدارة الحالية بقرارات مضادة.
التأثير على العلاقات الدولية
تأتي هذه الخطوة في توقيت حساس على الصعيد الإقليمي. حيث تسعى واشنطن إلى إعادة ترسيخ نفوذها في أميركا اللاتينية في مواجهة توسع روسيا والصين. وعلاوة على ذلك، تعد فنزويلا الغنية بالنفط وحليفتها لموسكو وبكين، نقطة ارتكاز استراتيجية. أي جهة تقوم بتصعيد عسكري، حتى لو كانت مبرراتها مكافحة المخدرات، تستغل ذلك كأداة ضغط لإضعاف النظام الفنزويلي أو دفعه لتقديم تنازلات سياسية.
انعكاسات على الداخل الفنزويلي
في الداخل، قد يستغل الرئيس مادورو هذه التطورات لتعبئة الشارع ضد “العدوان الأميركي”، ما يمنحه زخماً سياسيًا أمام المعارضة. لكن، أي تصعيد أميركي واسع قد يزيد من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعانيها البلاد، كما يزيد من عزلة فنزويلا على المستويين الإقليمي والدولي.
على سبيل المثال، قد يؤدي الضغط الخارجي إلى تعزيز دعم الشارع لمادورو، بينما يتضرر الاقتصاد الوطني ويزداد نقص الموارد الأساسية.
خاتمة
بين التبرير القانوني الأميركي ومخاوف التصعيد العسكري، تظل فنزويلا في قلب معادلة جيوسياسية معقدة. لذلك، يتقاطع ملف المخدرات مع الصراع على النفوذ والموارد في أميركا اللاتينية. وبالتالي، يطرح الخبراء والسياق السياسي سؤالًا: هل ستظل واشنطن وكراكاس تواجهان المواجهة محدودة ضد “قوارب التهريب”، أم أننا أمام بداية فصل جديد من الصراع المفتوح بينهما؟