السبت - 2025/09/27 12:45:08 صباحًا

NE

News Elementor

هذا الموقع بــرعاية

صفقة تيك توك بين السياسة والتقنية: من يملك الخوارزمية ومن يوجّه المحتوى؟

محتوي الخبر

وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم 25 سبتمبر 2025، أمرًا تنفيذيًا يمهّد لإتمام صفقة نقل عمليات تطبيق «تيك توك» داخل الولايات المتحدة إلى مُلّاك أمريكيين تقودهم شركة «أوراكل». وبالإضافة إلى ذلك، نصت الصفقة على بقاء حصة صغيرة لشركة «بايت دانس» الصينية المالكة للتطبيق. كما أن السيطرة على الخوارزمية واستضافة بيانات المستخدمين ستكون تحت إشراف «أوراكل»، في إطار هيكل حوكمة جديد يضم غالبية أعضاء مجلس الإدارة من الولايات المتحدة.

نسب الملكية وهيكل الحوكمة

كذلك، أشارت مصادر اقتصادية إلى تفاصيل نسب الملكية داخل الكيان الجديد. فإلى جانب «أوراكل»، تشارك شركات استثمارية أخرى مثل «سيلفر ليك». ومع ذلك، يظل الشكل النهائي رهن المراجعة التنظيمية. ونتيجة لذلك، يتوقع أن يتقلّص نفوذ «بايت دانس» إلى أقل من 20%، امتثالًا لقانون أمريكي صدر عام 2024 بوجوب التخارج من الملكية الصينية. وبالتالي، تبدو الصفقة موجهة بالدرجة الأولى لتقليل المخاوف الأمنية والسياسية في واشنطن.

النفوذ السياسي على الخوارزميات

أما الجدل الحقيقي، فلا يتركّز على الاستحواذ بحد ذاته، بل على ما قد يترتب من نفوذ سياسي على الخوارزميات وآليات الإشراف على المحتوى. ففي المقابل، يخشى ناشطون من أن يفتح انتقال السيطرة إلى مستثمرين أمريكيين مرتبطين ببعض التيارات السياسية بابًا جديدًا للتأثير على ما يظهر وما يُحجب. علاوة على ذلك، يستشهد هؤلاء بتجارب سابقة على منصات مثل «فيسبوك» و«إنستغرام» حيث اتُّهمت الشركات بتقييد محتوى متعاطف مع فلسطين.

مقارنات مع ميتا وسجل الشكاوى

على سبيل المثال، وثّقت «هيومن رايتس ووتش» عام 2023 حالات كبح منهجي لمحتوى داعم للقضية الفلسطينية على منصات «ميتا». ثم ناقش مجلس الإشراف في الشركة بعض هذه الحالات، فيما رصدت منظمات حرّيات إعلامية استمرار المشكلة حتى 2025. لذلك، يرى المراقبون أن هذه السوابق تجعل المخاوف من تكرار السيناريو في «تيك توك» أكثر جدية. ومع ذلك، لم تصدر قرارات تنظيمية تثبت هذه المخاوف حتى الآن.

أوروبا وقوانين الخدمات الرقمية

في أوروبا، يختلف الوضع جذريًا. فبفضل «قوانين الخدمات الرقمية» (DSA)، تُفرض شفافية أكبر على المنصات الرقمية. وبالتالي، تستطيع السلطات هناك التحقيق في قرارات الإشراف على المحتوى وفرض غرامات تصل إلى 6% من الإيرادات العالمية. وبالإضافة إلى ذلك، فتحت المفوضية الأوروبية بالفعل تحقيقات مع «ميتا» ووجّهت ملاحظات إلى «تيك توك» بشأن الشفافية في الإعلانات. لذلك، يمكن القول إن أي انحياز منهجي في أوروبا سيكون أسرع كشفًا وأسهل مساءلةً مقارنة بالولايات المتحدة.

الولايات المتحدة وغموض الشفافية

أما في أمريكا، فيتركز الإطار الجديد على فصل الملكية عن «بايت دانس» وتأمين البيانات عبر «أوراكل». ومع ذلك، لا توجد حتى الآن ضمانات ملزمة للشفافية في قرارات الإشراف. ونتيجة لذلك، يخشى مراقبون من أن تبقى سياسات الإنفاذ داخلية وغامضة، خصوصًا مع الضغوط السياسية والإعلامية المتزايدة. على الرغم من ذلك، قد تدفع المنافسة مع أوروبا المنصات الأمريكية لتبني ميثاق شفافية مشابه في المستقبل.

انعكاسات عملية متوقعة

أولًا، قد يتشدد «تيك توك» الأمريكي تجاه المحتوى السياسي الحساس، بما في ذلك الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي. ثانيًا، في أوروبا، سيدفع قانون الخدمات الرقمية المنصة إلى تقديم تبريرات أوضح لقراراتها. ثالثًا، قد تتوسع القيود على الإعلانات السياسية لتقليل مخاطر التلاعب. وأخيرًا، في أمريكا، قد يتحول الموضوع إلى ساحة استقطاب داخلي، خاصة أن بعض أنصار ترامب وصفوا الصفقة بأنها «انتصار سياسي» يتيح مزيدًا من السيطرة على السرديات الرقمية.

الخلاصة

في النهاية، تغيّر الصفقة هوية المالك لكنها لا تحسم مستقبل الخوارزمية. فبينما يوفّر الاتحاد الأوروبي آليات واضحة للمساءلة، تبقى الصورة في أمريكا غامضة وتعتمد على مدى استعداد «تيك توك» لاعتماد شفافية ذات معنى. لذلك، سيظل السؤال قائمًا: هل ستؤدي الصفقة إلى تعزيز ثقة المستخدمين أم إلى تكريس القلق من تسييس الرقابة على المنصة؟

الاكثر قراءة

اشترك معنا

برعايـــة

حقوق النشر محفوظة لـ أخبار الكويت © 2025
تم تصميمه و تطويره بواسطة

www.enogeek.com