استجاب جيش الاحتلال الإسرائيلي لطلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بنشر مكبرات صوت في مناطق مختلفة من قطاع غزة. الهدف، وفق مصادر عبرية، هو إجبار السكان على سماع خطابه المرتقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت صور متداولة في القطاع شاحنات عسكرية تجوب الشوارع وهي محمّلة بمكبرات الصوت.
أبعاد الحرب النفسية
بحسب تقارير إسرائيلية، اعتبر بعض الضباط أن الخطوة تأتي في إطار الحرب النفسية ضد سكان غزة. على سبيل المثال، نقلت وسائل إعلام عبرية عن ضابط كبير قوله: “هذه فكرة جنونية، لا أحد يفهم الفائدة العسكرية من ذلك”. علاوة على ذلك، يرى مراقبون أن بث خطاب سياسي عبر أدوات عسكرية يعكس ارتباكًا في أدوات الضغط والرسائل الموجهة للسكان المدنيين.
مخاطر ميدانية على الجنود
من جهة أخرى، كشفت مصادر في الجيش الإسرائيلي أن هذا الطلب قد يشكل خطرًا عملياتيًا على الجنود. وذلك بسبب اضطرارهم إلى مغادرة مواقعهم الدفاعية ومناطق تجمعهم من أجل نصب مكبرات الصوت. وبالتالي، فإن هذه المهمة لا تقتصر على بعدها الإعلامي، بل تحمل أبعادًا عسكرية قد تؤثر على سلامة القوات المنتشرة داخل غزة.
دوافع نتنياهو
لكن لماذا أصر نتنياهو على هذه الخطوة؟ وفق محللين، فإن رئيس الوزراء يسعى إلى إظهار سيطرته الرمزية على القطاع. في المقابل، يرى آخرون أن نتنياهو يحاول استغلال خطابه في الأمم المتحدة لتوجيه رسالة مزدوجة، داخلية وخارجية. داخليًا، يريد أن يظهر لجمهوره في إسرائيل أنه يفرض كلمته حتى داخل غزة. بينما خارجيًا، يحاول التأكيد على حضوره في مواجهة الانتقادات الدولية المتزايدة لسياسات الاحتلال.
توقيت الخطاب
من المقرر أن يبدأ خطاب نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الجمعة في تمام الساعة الرابعة مساءً بتوقيت القدس. لذلك، فإن بث الخطاب داخل غزة يتزامن مع متابعة العالم لكلمة نتنياهو على المنصة الدولية. نتنياهو يسعى إلى تحقيق أقصى قدر من التأثير عبر إيصال صوته إلى الداخل الفلسطيني والخارج في وقت واحد.
انتقادات واسعة
على الرغم من المحاولات الرسمية لتبرير الخطوة، إلا أن كثيرًا من المعلقين اعتبروها غير عملية وغير ذات جدوى. في المقابل، أشار محللون عسكريون إلى أن الاحتلال كان بإمكانه الاعتماد على وسائل إعلامه لبث الخطاب بدلًا من تعريض جنوده للخطر. كما أن بث خطاب سياسي لسكان يعانون حصارًا وقصفًا مستمرًا قد يزيد من مشاعر الغضب والرفض بدلًا من التأثير النفسي المرجو.
البعد السياسي والإعلامي
كذلك، يرى بعض المراقبين أن الخطوة تكشف عن محاولة دمج غير مسبوقة بين العمل العسكري والسياسي. علاوة على ذلك، فإن استخدام الجيش لتسويق خطاب رئيس الوزراء في الأمم المتحدة يثير تساؤلات حول استقلالية المؤسسة العسكرية عن القرارات السياسية. أي بمعنى آخر، تتحول الأدوات العسكرية إلى وسيلة دعاية سياسية في مشهد يعكس طبيعة العلاقة بين الحكومة والجيش في إسرائيل.
انعكاسات على الرأي العام
من المتوقع أن تثير هذه الخطوة ردود فعل واسعة داخل غزة. بينما يرى البعض أنها مجرد دعاية فاشلة، قد يعتبرها آخرون مؤشرًا على مدى توتر نتنياهو ورغبته في فرض خطابه حتى بالقوة. على الرغم من أن الاحتلال يسعى دائمًا لاستخدام الحرب النفسية كسلاح، إلا أن هذه التجربة قد تقلب الصورة ضده وتُظهره بشكل سلبي أمام العالم.
الخلاصة
في النهاية، يظهر أن طلب نتنياهو من الجيش نشر مكبرات صوت في غزة لبث خطابه في الأمم المتحدة يمثل خطوة مثيرة للجدل. لذلك، يراه البعض سلوكًا سياسيًا يفتقر إلى الحكمة، بينما يعتبره آخرون جزءًا من استراتيجية حرب نفسية غير محسوبة العواقب. ومع ذلك، يظل السؤال الأهم: هل ينجح نتنياهو في إيصال رسالته كما خطط، أم تتحول هذه الخطوة إلى مادة جديدة للانتقاد والسخرية؟