في خطوة وُصفت بأنها الأكثر جرأة منذ سنوات، كشفت إيران عن وثائق وصور قالت إنها حصلت عليها من داخل مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي. وأكدت طهران أن هذه الوثائق تتضمن أسماء علماء ومسؤولين عسكريين وخرائط لمواقع حساسة.
بالإضافة إلى ذلك، رأت طهران أن نشر هذه الوثائق يوجّه رسالة سياسية بقدر ما هو كشف استخباراتي. بينما اعتبر مراقبون أن إيران تسعى إلى فرض معادلة جديدة في الرأي العام الدولي.
ازدواجية المعايير الدولية
أثار الإعلان الإيراني جدلاً واسعًا حول ازدواجية المعايير في التعامل مع الملف النووي. فبينما تواجه طهران منذ عقود ضغوطًا وعقوبات بدعوى تطوير قدرات نووية عسكرية، يواصل المجتمع الدولي غضّ الطرف عن الترسانة النووية الإسرائيلية.
علاوة على ذلك، أشار خبراء إلى أن نشر هذه الوثائق يهدف إلى تسليط الضوء على ما وصفوه بـ”السكوت المتعمد” تجاه إسرائيل. في المقابل، يتعرض البرنامج النووي الإيراني لرقابة مشددة وتدقيق دائم. لذلك، يرى محللون أن طهران تحاول قلب المعادلة وكشف التناقض في المواقف الدولية.
لماذا الآن؟
توقيت نشر الوثائق لم يكن صدفة. إذ تواجه إيران في هذه المرحلة ضغوطًا متزايدة بعد هجمات استهدفت منشآت عسكرية في أصفهان والأهواز. بالإضافة إلى ذلك، تصاعدت التحركات الأميركية والإسرائيلية في البحر الأحمر والخليج.
مصادر قريبة من طهران أوضحت أن الخطوة تحمل رسالة ردع مباشرة. فهي تشير إلى أن إيران تملك القدرة على اختراق أعمق أسرار إسرائيل. نتيجة لذلك، يرى محللون أن هذه الرسالة موجهة لإسرائيل وحلفائها الغربيين في الوقت نفسه.
تصريحات أوروبية وتحذيرات بالعقوبات
على الجانب الأوروبي، صرّحت أوساط فرنسية بأن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات جديدة على طهران. وأوضحت باريس أن ما جرى يمثل “استفزازًا إعلاميًا وتصعيديًا”.
علاوة على ذلك، حذرت الدبلوماسية الفرنسية من أن نشر هذه الوثائق قد يزيد من احتمالية اندلاع هجمات جديدة على الأراضي الإيرانية. في المقابل، ترى طهران أن الضغوط الغربية لن تثنيها عن كشف ما تسميه “الحقائق المخفية” بشأن القدرات النووية الإسرائيلية.
موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية
الوكالة الدولية للطاقة الذرية سارعت إلى إصدار بيان رسمي. وأكدت أنها لا تستطيع التحقق من صحة الوثائق التي عرضتها إيران. كما أشارت إلى أن بعض الصور قد تعود لمرافق بحثية معروفة تخضع بالفعل لمراقبة الوكالة.
في الوقت نفسه، نفت الوكالة أن تكون قد سرّبت أي وثائق أو صور تخص مديرها العام رافاييل غروسي. وجاء ذلك بعدما عرض الإعلام الإيراني صورًا شخصية زُعم أنها التُقطت لغروسي سرًا.
اتهامات موجهة لغروسي
إيران لم تتوقف عند هذا الحد. فقد ألمحت إلى أن رافاييل غروسي يخضع لضغوط سياسية إسرائيلية. واتهمته بالانحياز ضد طهران في تقاريره الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت وسائل الإعلام الإيرانية إلى أن مواقف غروسي تعكس “ازدواجية واضحة”. في المقابل، يرى مراقبون أن هذه الاتهامات ليست جديدة، لكنها جاءت هذه المرة في سياق أكثر حساسية. لذلك، اكتسبت وزنًا إضافيًا في الصراع الإعلامي بين إيران والوكالة.
احتمالات التصعيد
دوائر سياسية وإعلامية رأت أن نشر هذه الوثائق يفتح الباب أمام عدة سيناريوهات:
- أولًا، قد تسعى إسرائيل إلى رد سريع عبر ضربات عسكرية أو عمليات استخباراتية.
- ثانيًا، قد يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات إضافية تزيد من عزلة إيران الاقتصادية.
- ثالثًا، قد تكشف إيران مزيدًا من الوثائق إذا استمرت الضغوط، وهو ما قد يرفع مستوى التوتر الإقليمي.
خاتمة
في النهاية، يظل الملف النووي الإيراني تحت مراقبة دقيقة من المجتمع الدولي. بينما يبقى مفاعل ديمونا الإسرائيلي بمنأى عن أي تفتيش أو محاسبة. لذلك، فإن خطوة طهران الأخيرة لم تكن مجرد استعراض إعلامي، بل محاولة واضحة لفرض معادلة جديدة وإبراز ما تعتبره الوجه الآخر لازدواجية المعايير الدولية.
علاوة على ذلك، يرى محللون أن هذه المواجهة الإعلامية قد تتحول إلى مواجهة سياسية وربما عسكرية، إذا استمرت إسرائيل وحلفاؤها في التصعيد.