في وقت يزداد فيه التوتر في الشرق الأوسط، برزت تصريحات السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم بارّاك، كاشفةً عن رؤية أميركية لا تخلو من الانحياز العلني لإسرائيل، على حساب بقية دول المنطقة.
خلفية السفير وعلاقاته
بارّاك، رجل أعمال من أصول لبنانية مارونية، لم يأتِ من خلفية دبلوماسية تقليدية، بل من عالم المال والسياسة المقرّب من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
علاقاته الوثيقة بالنخب الاقتصادية والسياسية الأميركية، ومنها دوائر الضغط الموالية لإسرائيل، انعكست بوضوح في تصريحاته الأخيرة.
الانحياز العلني لإسرائيل
قال بارّاك في مقابلات متفرقة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “لن يهتم بالحدود” إذا شعر أن بلاده مهددة، مؤكداً أنه سيذهب “إلى أي مكان ويفعل أي شيء، نقطة النهاية”.
هذا التصريح بدا وكأنه تبرير مسبق لأي تحرك عسكري خارج الحدود، حتى لو استهدف دولاً أخرى مثل سوريا أو لبنان أو قطر.
كما أشار إلى أن اتفاقيات سايكس–بيكو لم تعد تعني شيئاً لإسرائيل، التي – بحسب وصفه – ترى أن حماية أمنها يعلو على أي خطوط جغرافية أو تفاهمات دولية.
نظرة سلبية تجاه المنطقة
في لهجة وُصفت بـ”الفجّة”، اعتبر بارّاك أن “السلام في الشرق الأوسط وهم” وأن المنطقة محكومة بالصراع على الشرعية والهيمنة، مؤكداً أن “من يريد السيطرة، عليه أن يُخضع الآخرين”.
هذه الرؤية تكشف انعدام الإيمان بعملية سلام حقيقية، وتفتح الباب أمام استمرار الحروب والاعتداءات.
الموقف من لبنان وسوريا وقطر
- لبنان: أعلن بارّاك أن الولايات المتحدة لن تواجه حزب الله عسكرياً، تاركاً لإسرائيل حرية الحركة في الساحة اللبنانية.
- سوريا: شدد على أن الأراضي السورية لا يجب أن تُستخدم لتهديد إسرائيل، لكنه لم يُبدِ الموقف نفسه تجاه ضربات إسرائيل داخل سوريا.
- قطر: بشأن الضربة الإسرائيلية على الدوحة، اكتفى بتبريرها قائلاً إن نتنياهو “غير مهتم بالحدود” إذا شعر بالتهديد.
تقييم ختامي
تُظهر مجمل مواقف السفير الأميركي أنه لا يلتزم بالحياد المطلوب من مبعوث دبلوماسي يفترض أن يكون وسيطاً، بل يميل إلى منح إسرائيل غطاءً سياسياً وأمنياً مفتوحاً.
خلفيته كرجل أعمال ومقرّب من ترامب تفسّر صراحته الزائدة، لكنها أيضاً تكشفه أمام دول المنطقة كمسؤول فاقد للتوازن في الطرح، يمنح الأولوية المطلقة لأمن إسرائيل على حساب الاستقرار الإقليمي.
وبينما تحاول واشنطن لعب دور “الوسيط” في النزاعات المتفجرة، فإن تصريحات بارّاك قد تزيد من الشكوك العربية في نوايا الولايات المتحدة، وتؤكد مجدداً أن بوصلتها لا تنحرف عن تل أبيب.