كشفت تقارير إعلامية أميركية عن اتفاق إطار جديد يقضي بإنشاء كيان مستقل لإدارة وتشغيل تطبيق تيك توك داخل الولايات المتحدة. ويأتي ذلك استجابة لقانون أميركي حديث يلزم الشركة الصينية المالكة بايت دانس بالتخلي عن السيطرة المباشرة أو مواجهة الحظر.
وبموجب هذا الاتفاق، يستحوذ تحالف من المستثمرين الأميركيين بقيادة Oracle وبدعم من شركتي Silver Lake وAndreessen Horowitz على ما يقارب 80٪ من أسهم الكيان الجديد، بينما تحتفظ بايت دانس بحصة لا تتجاوز 20٪ فقط.
بيع أم نقل سيطرة؟
الصفقة، وفقًا للتقارير، لا تعني بيع التطبيق بالكامل. بل تعني نقل حقوق الإدارة والسيطرة على نشاط تيك توك في الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، ستخضع البيانات والخوارزميات لإشراف أميركي مباشر.
على سبيل المثال، تشير المصادر إلى أن شركة Oracle ستتولى مسؤولية الإشراف على البيانات وخوارزميات التوصية، وهو ما يمنحها السيطرة التقنية الأساسية. وبذلك، تسعى واشنطن لضمان حماية الأمن القومي ومنع أي تدخل خارجي محتمل في بيانات المستخدمين.
خلفيات سياسية واقتصادية
أولًا، يرى مراقبون أن لهذا الاتفاق أبعادًا سياسية واضحة. فشركة Oracle معروفة بقربها من الحزب الجمهوري، كما أن مؤسسها لاري إليسون يعد من أبرز الداعمين للتيار المحافظ.
ثانيًا، تلعب شركة Andreessen Horowitz دورًا مختلفًا، إذ تركّز على دعم سياسات مرنة للتكنولوجيا، بالإضافة إلى نشاطها السياسي المتزايد من خلال لجان عمل خاصة بالذكاء الاصطناعي.
ثالثًا، تستثمر شركة Silver Lake في قطاع التكنولوجيا، لكنها تميل إلى التحالفات الاستراتيجية أكثر من ارتباطها بمواقف سياسية مباشرة. وبسبب هذا التنوع، يعكس التحالف الجديد مزيجًا من المصالح الاقتصادية والسياسية معًا.
التأثير على المستخدمين
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يضمن هذا الاتفاق استمرار عمل تيك توك داخل الولايات المتحدة، وهو ما يطمئن ملايين المستخدمين. ومع ذلك، قد يؤدي إلى تغييرات ملحوظة في آليات عرض المحتوى.
على سبيل المثال، قد تشهد المنصة زيادة في مستوى الرقابة على الفيديوهات، مع فرض معايير أميركية أكثر صرامة. ونتيجةً لذلك، يمكن أن يتأثر المستخدمون في مناطق أخرى، بما في ذلك الخليج العربي والعالم العربي، إذ غالبًا ما تنعكس السياسات الأميركية على أسلوب إدارة المنصة عالميًا.
لماذا يهم العالم العربي؟
في المقابل، يثير الاتفاق اهتمامًا خاصًا في دول الخليج. فالمستخدمون هناك يعتمدون بشكل واسع على تيك توك كمنصة للتعبير عن الإبداع والتواصل. قد تغيّر الرقابة المحتملة طبيعة المحتوى، وتؤثر على صناع المحتوى والشركات المعلِنة.
علاوة على ذلك، يرى خبراء أن هذه الخطوة تحمل أبعادًا اقتصادية عالمية، لأنها تعكس صراعًا متزايدًا بين الولايات المتحدة والصين حول السيطرة على التكنولوجيا والمنصات الرقمية الكبرى.
خلاصة
في النهاية، لا يمثل الاتفاق بيعًا كاملاً لتطبيق تيك توك، بل إعادة هيكلة تضمن خضوعه لرقابة أميركية أشد. لذلك، يبقى السؤال الأهم: هل يهدف القرار إلى حماية الأمن القومي الأميركي فعلًا، أم أنه يعكس صراعًا جيوسياسيًا واقتصاديًا أوسع مع الصين؟
وبينما تستعد الشركات الأميركية للسيطرة على مفاصل تشغيل التطبيق، يترقب ملايين المستخدمين حول العالم، وخاصة في الخليج العربي، ما إذا كانت هذه التغييرات ستعزز من حرية الاستخدام أم ستفرض قيودًا جديدة تحد من تجربة التصفح اليومية.
