تعتزم الحكومة البريطانية الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين نهاية الأسبوع الجاري، وذلك عقب انتهاء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة المتحدة.
ووفقًا لصحيفة ذا تايمز البريطانية، فإن رئيس الوزراء كير ستارمر قرر إرجاء الإعلان إلى ما بعد مغادرة ترامب، خشية أن تطغى القضية على المؤتمر الصحفي المشترك يوم الخميس في قصر تشيكرز.
وبالإضافة إلى ذلك، أوضحت الصحيفة أن ستارمر أراد تجنب أي مواجهة مباشرة مع واشنطن خلال الزيارة.
الاعتراف قبل اجتماع الجمعية العامة
من المتوقع أن تمضي بريطانيا قدمًا في الاعتراف بفلسطين قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل.
وعلاوة على ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن دولًا مثل فرنسا وكندا وأستراليا قد تسير في الاتجاه ذاته خلال الجمعية.
ولذلك، فإن خطوة بريطانيا ستكون ذات بعد سياسي ودبلوماسي واسع، خاصة أنها قد تشكل ضغطًا إضافيًا على إسرائيل في ظل التصعيد المتواصل في غزة.
وبسبب هذه التطورات، يُرجح أن يشهد ملف الاعتراف بدولة فلسطين زخمًا دوليًا غير مسبوق.
الانقسام بين بريطانيا والولايات المتحدة
أبرزت الصحيفة أن هناك خلافًا واضحًا بين لندن وواشنطن حول هذه القضية.
ففي الوقت الذي وصفت فيه وزيرة الخارجية البريطانية، إيفيت كوبر، الهجوم الإسرائيلي على غزة بأنه “متهور ومروع”، شددت على أن هذه الهجمات لن تؤدي إلا إلى إراقة المزيد من الدماء وتعريض حياة المدنيين للخطر.
وفي المقابل، عبر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن دعمه الكامل لإسرائيل خلال زيارته لندن مع ترامب، معتبرًا أن الاعتراف بدولة فلسطين سيجعل فرص السلام أقل احتمالًا.
وبذلك، يظهر جليًا أن الموقفين متناقضان، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.
مواقف سابقة لرئيس الوزراء البريطاني
يُذكر أن ستارمر كان قد أعلن في يوليو الماضي عن خطط بريطانيا للاعتراف بفلسطين.
وأشار آنذاك إلى أن بلاده ستُقدم على هذه الخطوة إذا لم تتخذ إسرائيل إجراءات ملموسة لوقف إطلاق النار أو إحياء مسار حل الدولتين.
ولذلك، فإن تصريحاته السابقة كانت بمثابة تمهيد لهذا القرار.
وبالإضافة إلى ذلك، أكد ستارمر أن “الاعتراف بات ضرورة ملحة”، خاصة في ظل استمرار الأزمة الإنسانية في غزة.
وبسبب رفض إسرائيل لشروط وقف الضم وفتح المجال لحل الدولتين، بدا أن الاعتراف البريطاني بفلسطين أصبح أمرًا شبه حتمي.
ضغوط داخلية من حزب العمال
أفادت الصحيفة بأن ثلث مجلس الوزراء في بريطانيا مارس ضغوطًا كبيرة على رئيس الوزراء للاعتراف بفلسطين.
كما وقّع أكثر من 130 نائبًا من حزب العمال رسالة تدعو إلى المضي قدمًا في هذه الخطوة.
وعلاوة على ذلك، وصف ستارمر الوضع في غزة بأنه “لحظة العمل”، مؤكدًا أن الظروف الراهنة تضع حتمية الاعتراف بفلسطين تحت ضغط غير مسبوق.
وبالتالي، فإن الدعم الداخلي من داخل الحزب الحاكم لعب دورًا رئيسيًا في تسريع اتخاذ القرار.
التبعات المحتملة للاعتراف
يرى محللون أن اعتراف بريطانيا بفلسطين سيُشكل تحولًا جوهريًا في المشهد السياسي الدولي.
فمن جهة، قد يؤدي إلى تعزيز الجهود الأوروبية لإيجاد حل سياسي عادل.
ومن جهة أخرى، قد يُفاقم التوتر في العلاقات مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل الاختلاف الجوهري في الموقف من إسرائيل.
ولذلك، فإن القرار المرتقب قد يحمل تداعيات كبيرة على مستوى السياسة الخارجية البريطانية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنه قد يُسهم في إحياء النقاش الدولي حول حل الدولتين باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق السلام.
وفي النهاية، يبدو أن لندن تتجه لاتخاذ موقف تاريخي، رغم كل التحديات والضغوط الدولية.