رفضت إيران، اليوم الثلاثاء، الاتهامات الأسترالية التي حمّلتها مسؤولية هجومين معاديين للسامية في سيدني وملبورن. وأكدت طهران أن قرار كانبيرا بطرد السفير الإيراني غير مقبول، متعهدة بالرد بالمثل على هذا التصعيد الدبلوماسي.
الموقف الإيراني
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحفي أسبوعي، إن “الاتهام الموجه مرفوض بالكامل”. وأضاف أن قرار أستراليا متأثر بظروفها الداخلية، ولا يستند إلى أسس قانونية أو أدلة واضحة. وأوضح أن أي خطوة غير مبررة على المستوى الدبلوماسي ستقابلها طهران بإجراءات مماثلة، في إشارة واضحة إلى احتمال طرد دبلوماسيين أستراليين.
قرار أستراليا
وكانت الحكومة الأسترالية قد أعلنت في وقت سابق، الثلاثاء، أنها ستطرد السفير الإيراني لديها. وأكد رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيزي، أن القرار جاء بعد معلومات استخباراتية أثبتت تورط طهران في هجومين استهدفا مؤسسات يهودية.
وأوضح ألبانيزي أن منظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية كشفت تورط الحكومة الإيرانية في هجوم استهدف شركة الأطعمة اليهودية “لويس كونتيننتال كيتشن” في سيدني خلال أكتوبر الماضي، وكذلك في الاعتداء على كنيس “أداس إسرائيل” بمدينة ملبورن في ديسمبر.
وقبيل الإعلان، أبلغت الحكومة الأسترالية السفير الإيراني أحمد صادقي بقرار الطرد، كما تقرر سحب عدد من الدبلوماسيين الأستراليين العاملين في طهران إلى دولة ثالثة، خشية توتر أكبر في العلاقات بين البلدين.
إدراج الحرس الثوري
إلى جانب هذه الخطوة، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أن بلاده ستبدأ إجراءات لإدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية. هذه الخطوة تعد تصعيدًا إضافيًا من جانب كانبيرا، وتفتح الباب أمام فرض عقوبات أوسع ضد شخصيات وكيانات مرتبطة بطهران.
توتر دبلوماسي متصاعد
التصعيد الأخير يعكس حالة التوتر المتزايدة بين إيران والدول الغربية. فطهران تواجه بالفعل ضغوطًا دولية بسبب ملفها النووي، ودورها في أزمات إقليمية، إضافة إلى الاتهامات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. والآن، مع دخول أستراليا على خط المواجهة، يبدو أن عزلة إيران الدبلوماسية مرشحة للتفاقم.
المراقبون يرون أن طرد السفير خطوة نادرة في العلاقات بين البلدين، حيث لم تشهد السنوات الماضية إجراءات بهذا الحجم. ومن المتوقع أن ينعكس القرار على التعاون الثنائي، سواء في المجال التجاري أو في التنسيق السياسي.
ردود الفعل المتوقعة
إيران اعتادت الرد بالمثل في مثل هذه المواقف، وهو ما يفتح الباب أمام احتمال إعلانها طرد دبلوماسيين أستراليين خلال الأيام المقبلة. كما قد تعمد إلى تقليص التعاون القائم، أو استخدام الملف الاقتصادي كورقة ضغط، رغم أن حجم التبادل التجاري بين البلدين محدود مقارنة بعلاقات إيران مع قوى أخرى.
في المقابل، تحاول أستراليا تقديم نفسها كدولة ملتزمة بمحاربة معاداة السامية وحماية أمن مواطنيها، خاصة بعد تزايد الحوادث التي تستهدف الجاليات اليهودية. وبهذا، يكتسب قرارها طرد السفير الإيراني بُعدًا سياسيًا ورسالة داخلية أيضًا، موجهة إلى الرأي العام المحلي.
انعكاسات إقليمية ودولية
القرار الأسترالي قد يشجع دولًا أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة ضد إيران، خصوصًا في أوروبا، حيث يضغط لوبي يهودي قوي من أجل مواجهة ما يعتبره تهديدات إيرانية للمجتمعات اليهودية. كما أن إدراج الحرس الثوري على قوائم الإرهاب، إذا تم بالفعل، سيزيد من عزلة طهران ويعقّد محاولاتها لإقامة علاقات طبيعية مع دول الغرب.
الخلاصة
يمكن القول إن الأزمة بين إيران وأستراليا دخلت مرحلة جديدة من التوتر العلني. طرد السفير ليس مجرد خطوة دبلوماسية، بل رسالة سياسية قوية مفادها أن كانبيرا لم تعد تتسامح مع ما تعتبره أنشطة عدائية مرتبطة بطهران. وفي المقابل، فإن تعهد إيران بالرد يضع العلاقات بين البلدين على مسار تصادمي قد يطول.