تسلّم وفد حركة حماس الموجود في القاهرة مقترحًا جديدًا من الوسطاء المصريين والقطريين بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. جاء ذلك وفق ما صرّح به مسؤول فلسطيني مطلع على سير المفاوضات لوكالة فرانس برس اليوم الإثنين.
تفاصيل المقترح الجديد
أوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن “وفد حماس برئاسة خليل الحية في القاهرة تسلّم مقترحًا جديدًا من الوسطاء المصريين والقطريين لوقف النار”. وأضاف أن هذا المقترح “يستند إلى مبادرة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، التي تنص على هدنة لمدة ستين يومًا، بالإضافة إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على دفعتين”.
وبالإضافة إلى ذلك، أشار المسؤول الفلسطيني إلى أن “المقترح يمثل اتفاق إطار لإطلاق مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين، أي إسرائيل وحماس، حول وقف دائم لإطلاق النار”. لذلك، يرى مراقبون أن الخطوة قد تمثل بداية لمسار سياسي أطول يهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة.
أهمية المقترح في الوقت الراهن
يأتي هذا المقترح في وقت يشهد فيه قطاع غزة أوضاعًا إنسانية بالغة الصعوبة. فبعد أشهر طويلة من الحرب، يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود. علاوة على ذلك، تسببت العمليات العسكرية في تدمير واسع للبنية التحتية، مما جعل الحاجة إلى وقف إطلاق النار أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
في المقابل، لا تزال إسرائيل تربط أي اتفاق بملف الأسرى والمفقودين. بينما ترى حماس أن أي تفاهم يجب أن يشمل وقفًا شاملًا للعمليات العسكرية، إضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار. وهنا يظهر بوضوح حجم التباين بين الموقفين.
دور الوساطة المصرية والقطرية
من ناحية أخرى، تلعب مصر دورًا محوريًا في إدارة هذا الملف بحكم موقعها الجغرافي وصلاتها المباشرة بكل من حماس وإسرائيل. كما أن القاهرة تستضيف منذ بداية الحرب العديد من جولات التفاوض. وفي السياق نفسه، تواصل قطر جهودها السياسية والإنسانية، حيث تقدم دعمًا لوجستيًا وماديًا، وتعمل على تسهيل قنوات الاتصال غير المباشر.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التنسيق بين القاهرة والدوحة يلقى دعمًا من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، مما يمنح المقترح الجديد زخمًا سياسيًا أكبر. نتيجةً لذلك، يرى بعض الخبراء أن احتمالية نجاح المبادرة تبدو أفضل مقارنة بمحاولات سابقة.
العقبات أمام تنفيذ الاتفاق
على الرغم من أهمية المقترح، إلا أن هناك العديد من العقبات. أولًا، انعدام الثقة بين الطرفين يجعل من الصعب ضمان الالتزام الكامل بالهدنة. ثانيًا، هناك خلافات حول تفاصيل تبادل الأسرى وكيفية جدولة العملية. ثالثًا، يتخوف الفلسطينيون من أن تستخدم إسرائيل فترة التهدئة لتعزيز مواقعها العسكرية دون التقدم نحو وقف دائم لإطلاق النار.
ومع ذلك، فإن الوسطاء يؤكدون أن كل جولة تفاوض تمثل خطوة إلى الأمام. لذلك، يجري العمل على صياغة ضمانات عملية، مثل إشراف دولي أو وجود مراقبين، لضمان تنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه.
ردود الفعل الدولية
على الصعيد الدولي، رحّبت عدة دول أوروبية بالمقترح الجديد، معتبرة أنه قد يفتح الباب أمام تهدئة طويلة الأمد. كما دعت الأمم المتحدة إلى استغلال الفرصة الحالية لتخفيف المعاناة عن المدنيين. ومن جهة أخرى، شددت الإدارة الأميركية على ضرورة التوصل إلى تسوية عاجلة، مشيرة إلى أن استمرار الحرب يهدد الاستقرار الإقليمي بأسره.
وفي المقابل، هناك دول تعتقد أن نجاح أي اتفاق يعتمد على جدية إسرائيل في تقديم تنازلات حقيقية. بينما ترى أطراف أخرى أن على حماس أيضًا إظهار مرونة، خصوصًا في ملف الأسرى. وهكذا، يبقى الموقف الدولي منقسمًا، لكنه متفق على أهمية التوصل إلى هدنة عاجلة.
مستقبل المفاوضات
من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة اجتماعات مكثفة بين الوسطاء والوفدين الفلسطيني والإسرائيلي. وبعد ذلك، قد يتم الإعلان عن خطوات عملية إذا تم التوصل إلى أرضية مشتركة. أخيرًا، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات، وعلى استمرار الضغط الدولي من أجل التوصل إلى حل شامل.
وبالنظر إلى المعطيات الحالية، يمكن القول إن المقترح الجديد يمثل بصيص أمل في وسط أجواء الحرب. ومع ذلك، فإن الطريق لا يزال مليئًا بالتحديات، ويحتاج إلى توافق سياسي حقيقي وإرادة صادقة من الجانبين.