في عالم يشهد تحولات اقتصادية متسارعة، لم يعد الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل خيارًا آمنًا أو مستدامًا. فالاقتصاد المتنوع هو الركيزة الحقيقية لأي نهضة شاملة، وهو الضمانة الأهم للاستقرار المالي والاجتماعي للأجيال القادمة.
ومن هذا المنطلق، تبرز المشاريع الصغيرة والمتوسطة كأحد أهم المحركات القادرة على خلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وتوفير فرص عمل، ودفع عجلة الابتكار والإنتاجية. إن هذه المشاريع ليست مجرد أنشطة تجارية محدودة الحجم، بل هي بيئة خصبة للأفكار الإبداعية والحلول العملية التي يمكن أن تسد فجوات في السوق وتفتح آفاقًا جديدة للنمو.
ولعل إدراج أصحاب هذه المشاريع في مناقصات الدولة وفقًا لاختصاصاتهم وقدراتهم يمثل خطوة استراتيجية نحو تمكينهم من المنافسة العادلة، ومنحهم الفرصة للمساهمة المباشرة في تنفيذ المشاريع الوطنية. هذا الدمج يعزز الدورة الاقتصادية الداخلية، ويعيد توزيع الفرص، ويخلق منظومة عمل متكاملة بين القطاعين العام والخاص.
وهنا، تبرز ايضاً مسؤولية إضافية على الشركات الكبرى، التي ينبغي أن تتحمل بدورها جزءًا من هذا الدعم، من خلال ترسية بعض أجزاء المناقصات الحكومية الكبرى إلى شركات المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، كواجب وطني ومساهمة عملية في تحريك عجلة الاقتصاد. فالمسؤولية الاجتماعية للشركات الكبرى لا تقتصر على التبرعات أو المبادرات الرمزية، بل تمتد إلى خلق شراكات حقيقية تضمن نمواً متوازناً بين جميع أطراف السوق.
إن دعم هذه الفئة لا ينعكس فقط على مؤشرات الاقتصاد، بل يمتد أثره إلى المجتمع بأسره، من خلال تعزيز الاستقرار، وتمكين الشباب، ورفع مستوى المعيشة. فالاقتصاد المتنوع والمستدام هو الذي يضع الإنسان في قلب معادلته، ويجعل من الإبداع والعمل الجاد بديلًا حقيقيًا للموارد الناضبة.
وفي النهاية، إذا أردنا اقتصادا قويا بعيدا عن تقلبات أسواق النفط، فعلينا أن نستثمر في عقول وأحلام رواد الأعمال، ونفتح أمامهم أبواب الفرص، ليكونوا هم وقود التنمية، وأبطال التحول الاقتصادي الذي نصبو إليه.
رئيس التحرير – جريدة أخبار الكويت
