بنك الكويت المركزي أكد استمراره في اتباع نهج حذر في إدارة السياسة النقدية خلال عام 2024، معتمدًا على قراءة دقيقة للمعطيات المحلية والدولية. وتهدف هذه السياسات إلى الحفاظ على جاذبية الدينار الكويتي، مع دعم النمو الاقتصادي المستدام، وتعزيز كفاءة السياسة المالية لتحقيق الاستقرار طويل الأمد.
استقرار ومتانة مصرفية
بحسب تقرير الاستقرار المالي لعام 2024 ، شدد المركزي على متانة القطاع المصرفي الكويتي وقدرته على الصمود في وجه الصدمات. ويرتكز هذا الاستقرار على أربع ركائز رئيسية:
- الملاءة المالية: بلغ معدل كفاية رأس المال 19.4%، متجاوزًا بكثير الحد الأدنى المطلوب البالغ 13%.
- جودة الأصول: استقرت نسبة القروض غير المنتظمة عند 1.5%، وهي من أدنى المعدلات في المنطقة.
- السيولة: حافظ النظام المصرفي على مستويات مريحة، حيث بلغ معدل تغطية السيولة (LCR) 163.9%، ومعدل التمويل المستقر (NSFR) 114.4%، وكلاهما يفوق المتطلبات الرقابية.
- الربحية: حققت البنوك نموًا بنسبة 5% في الأرباح، مدعومًا بزيادة صافي دخل الفوائد وتحسن كفاءة التشغيل.
النظرة المستقبلية والتحديات
يتوقع بنك الكويت المركزي استمرار التيسير النقدي عالميًا، لكن بوتيرة أكثر اعتدالًا. ويعود ذلك إلى استمرار معدلات التضخم المرتفعة وحذر صانعي السياسات. وفي ظل تصاعد النزاعات التجارية واحتمال اندلاع حروب تجارية جديدة، قد تواجه الأسواق ضغوطًا متزايدة على الأسعار وسلاسل التوريد.
على الصعيد الجيوسياسي، أشار التقرير إلى أن المخاطر لا تزال قائمة، خاصة في مناطق مثل الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية. هذه المخاوف قد تدفع المستثمرين لتوخي الحذر والتركيز على المؤشرات الاقتصادية والسياسية.
السياسة النقدية المحلية والإصلاحات
محليًا، يتوقع أن تظل السياسة النقدية متزنة كما كانت خلال فترة التشديد السابقة، مع السماح بهامش محفز لدعم الطلب. وقد ساهمت الإجراءات الداخلية في تمهيد الطريق للإصلاحات الاقتصادية، خاصة مشاريع البنية التحتية المنتظرة.
كما أشار المركزي إلى أن إقرار قانون الدين العام سيخفف الضغط على المالية العامة، ويوفر أداة للبنوك لإدارة السيولة بكفاءة. ومن المتوقع أيضًا صدور قوانين جديدة تخفف العبء على الميزانية وتفتح مجالات استثمارية جديدة أمام البنوك.
بازل 3 ودوره في تعزيز الاستقرار
أوضح التقرير أن الكويت كانت من أوائل الدول التي طبقت معايير بازل 3، مع اعتماد نهج رقابي أكثر تحفظًا من المعايير الدولية، خاصة فيما يخص كفاية رأس المال وجودة أدواته. ورغم هذا التشدد، حافظ القطاع المصرفي على نمو قوي خلال العقد الماضي.
فقد ارتفع إجمالي الأصول بنسبة 74% ليصل إلى 48.8 مليار دينار، بينما زادت محفظة القروض بنسبة 77% إلى 31.5 مليار دينار. كما ارتفع رأس المال الرقابي بأكثر من 100% ليصل إلى 14.9 مليار دينار بنهاية 2024.
الأرباح وتوزيعها
حقق القطاع المصرفي أرباحًا بقيمة 9.8 مليارات دينار على مدى 10 سنوات. تم تخصيص 3.8 مليارات منها لتعزيز رأس المال، حيث وُجهت 41.4% كأرباح محتجزة، و20% كاحتياطيات، و38.6% كأسهم منحة.
الاكتتابات العامة والاستحواذات
نجحت 7 بنوك بزيادة رأس مالها عبر اكتتابات عامة بمعدل 145 مليون دينار لكل منها. رغم ذلك، لم تعتمد البنوك بشكل مفرط على هذا الخيار، حيث شكل 13.5% فقط من زيادة رأس المال. كما ساهمت صفقة استحواذ محلية بنسبة 16.8% من هذه الزيادة.
استجابة للأزمات
أثناء جائحة كورونا، عدّل «المركزي» تعليماته الرقابية وخفّف الضغوط على البنوك لتشجيع الإقراض، خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة. كما سمح باستخدام المصدة الرأسمالية لتوفير سيولة إضافية، بلغت نحو 1.7 مليار دينار.
التحول الرقمي والدفع الإلكتروني
بلغ عدد مستخدمي خدمة “ومض” 1.29 مليون شخص بنهاية 2024، مما يعكس تزايد الاعتماد على المدفوعات الإلكترونية مقابل المعاملات الورقية.
تطور القطاع البنكي
سجل عدد فروع البنوك تراجعًا بنسبة 2% خلال 2024، بسبب اندماج مصرفيين إسلاميين. وارتفعت أجهزة نقاط البيع بنسبة 8.1%، في ظل التوسع في الدفع الإلكتروني. بالمقابل، تراجع عدد أجهزة السحب الآلي بنسبة 2.2%.
السندات والصكوك
خلال العقد الماضي، أصدرت البنوك سندات وصكوك بقيمة 2.09 مليار دينار، ما شكل 28% من إجمالي الزيادة في رأس المال الرقابي. وتوزعت الإصدارات بين أدوات رأسمال إضافي بنسبة 65%، ورأس مال مساند بنسبة 35%.