يثير مشروع القانون المقدم من وزارة العدل بتعديل أحكام قانون تنظيم القضاء العديد من الإشكاليات الدستورية والقانونية والفنية، لما يتضمنه من العديد من الأحكام التي من شأنها التأثير على المراكز القانونية للعديد من أعضاء السلطة القضائية، علاوة على تأثير التعديلات على جودة الأحكام القضائية والواقع الوظيفي لأعضاء السلطة القضائية تجاه منظومة العمل الجديدة بعد نفاذ هذا القانون. ومن بين التعديلات التي يوردها مشروع القانون الجديد هو اشتراطه أن يكون القضاة كويتيين بصفة أصلية، وهو ما سيتسبب عند تطبيقه بعزل عدد من القضاة والمستشارين من ممارسي العمل القضائي حالياً لأنهم ليسوا بصفة أصلية، وكان يتعين أن يتضمن التعديل أحكاماً انتقالية لهم وبأن يكون التطبيق على من سيتم تعيينهم مستقبلاً. المشروع المقدم من وزارة العدل خلا من بيان للأحكام الانتقالية بشأن القضاة الحاصلين على الجنسية بصفة غير أصلية، على الرغم من إيراده الأحكام الانتقالية بشأن القضاة من خريجي الشريعة. كما تضمن التعديل عزلاً ضمنياً لأصحاب المناصب القضائية، التي حددها المشروع عند تأقيت تلك المناصب لشاغلين كمناصب النائب العام ورؤساء محكمة التمييز والاستئناف ونائب رئيس محكمة الاستنئاف والكلية، إذ إن النص لم يتضمن مواعيد نفاذ لذلك التأثيث وهل ينطبق على التعيينات الحديثة بعد نشر القانون على تلك المناصب القضائية أم ينطبق كذلك على من هم على رأس الخدمة حالياً بتلك المناصب.
كما أن عدم تحديد ذلك الميعاد قد يتسبب في إنهاء خدمات أعضاء السلطة القضائية لعدم إمكانية نقلهم إلى وظائف تسمح بأعمالهم، فالنائب العام وعلى سبيل المثال الحالي بعد انتهاء مدة الأربع سنوات التي قضى فيها 3 سنوات، فهل سيتبقى لمدته سنة أم ستبدأ له مدة 4 سنوات جديدة بعد نشر القانون؟ كما أنه إذا انتهت خدمته لمدة 4 سنوات ولم يبلغ سن الـ70 عاماً التي يحال بشأنها إلى التقاعد فهل سيحال إلى القضاء أم إلى النيابة. وإذا ما رجع إلى النيابة وهو نائب عام فهل سيعود محامياً عاماً أم مساعد نائب عام؟! فهو أمر غير منطقي تماماً لأن يعاد إلى درجة أدنى بعدما كان يسلم المنصب في النيابة العامة وكان يتعين العمل نحو إحالته للتقاعد بعد انتهاء مدة عمله مع صرف كل مستحقاته المالية التي تليق به كعنصر قضائي. والحال كذلك بالنسبة لرئيس محكمة التمييز ورؤساء المحاكم، فأين سيتم نقلهم بعد ذلك، فهل يعودون إلى منصات القضاء؟ وهل من المنطقي أن يتولوا جميعهم رؤساء للدوائر القضائية وفي أي محكمة؟ خصوصاً أن جميع الدوائر الحالية على الأقل في محكمتي الاستئناف والتمييز لديها رؤساء، كما أنه ليس منطقياً تشكيل دوائر كلية يتولى رئاستها إلى حين بلوغهم سن التقاعد، كما لايستقيم العقل والمنطق أن يكون أعضاء في دوائر قضائية بعد أن كانوا يبلغون أعلى الهرم القضائي، وهو الأمر الذي يستدعي معه إحالتهم إلى التقاعد وصرف مستحقاتهم إلى حين بلوغهم السن القضائية. وقبل تلك الأحكام لم يشر لها المشروع المقدم من وزارة العدل التشريع بأنه يتضمن ضمنياً عزلاً للسادة رؤساء المحاكم والناصب العام لعدم إشارة مشروع القانون إلى المصير الذي ينتظرهم بعد انتهاء مدة الأربع سنوات. كما أن إشارة المشروع إلى إمكانية تجديد المدد لهم في رئاسة المحاكم ومنصب النائب العام وأن يكون التجديد من وزارة العدل وان كان بترشيح من مجلس القضاء.