الجامعة العربية تؤكد رفضها لجميع أشكال التدمير الممنهج في غزة

(كونا) – دان مجلس جامعة الدول العربية اليوم الاثنين استمرار جرائم عدوان الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني واستهداف عشرات آلاف المدنيين وإخضاع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لحصار قاتل يقطع كل أسباب الحياة.
جاء ذلك في قرار لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين في دورته غير العادية التي عقدت برئاسة المغرب بناء على طلب فلسطين وتأييد الدول الأعضاء لبحث جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته ضد الشعب الفلسطيني.
وأكد المجلس رفضه الكامل لجميع أشكال التدمير الممنهج للأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والبنية التحتية في غزة بقصد جعل القطاع “أرضا محروقة غير قابلة للحياة”.
واستنكر خطاب الكراهية والعنصرية والتحريض الذي تبنته حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة مؤكدة أن جرائم الاحتلال تشكل في مجملها “جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني”.
وطالب مجلس جامعة الدول العربية مجلس الأمن الدولي بعدم التقاعس عن تولي مسؤولياته بحفظ الأمن والسلم الدوليين واتخاذ قرار ملزم لوقف جرائم الاحتلال الممنهجة وواسعة النطاق ضد الشعب الفلسطيني والتي تعرض الأمن والسلم الإقليميين والدوليين للخطر.
ودعا المجلس الولايات المتحدة والدول التي تتبنى “معايير مزدوجة” والداعمة لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني داخل مجلس الأمن إلى تبني “مواقف منسجمة مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني” يدعو إلى وقف كامل ومستدام لإطلاق النار.
كما دعا الولايات المتحدة والدول الفاعلة إلى ضرورة إلزام سلطات الكيان الإسرائيلي المحتل بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني وانسحابها من قطاع غزة ورفع الحصار عنه ولجم مخططاتها ومساعيها الرامية إلى التهجير القسري.
وحذر المجلس من خطورة تخطيط وارتكاب القوة القائمة بالاحتلال جريمة التهجير القسري لنحو مليوني مواطن فلسطيني أصبحوا نازحين داخل قطاع غزة.
كما نبه إلى نوايا الكيان الإسرائيلي المحتل باستكمال تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم عبر دفعهم منهجيا نحو أقصى جنوب غزة على مقربة من الحدود مع مصر من خلال إلقاء عشرات آلاف الأطنان من المتفجرات وما يعلنه رئيس حكومة الاحتلال ووزرائه المتطرفين حول نواياهم ومطالباتهم المتكررة بتهجير الشعب الفلسطيني.
وأكد المجلس أن الدول العربية لن تسمح بتكرار سيناريو النكبة عام 1948 ولن تتهاون في التصدي لمخططات الاحتلال الإسرائيلي بتهجير الشعب الفلسطيني وأنها ستتخذ الخطوات السياسية والدبلوماسية والقانونية والاقتصادية اللازمة لمنعها.
وحذر المجلس من أن “هدف التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم هو تصفية القضية الفلسطينية التي تعد القضية المركزية للأمة العربية” مشيرا إلى أن ذلك من شأنه “أن ينقل المنطقة إلى مستويات جديدة من الصراع وعدم الاستقرار”.
ونبه إلى أن تواطؤ أو تعاون أو تسامح أي دولة أو جهة مع خطط الاحتلال لارتكاب جريمة التهجير القسري للشعب الفلسطيني يجعلها شريكة في الجريمة ومسؤولة عن انتهاك القانون الدولي والمواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وأكد أن التصدي لتهجير الشعب الفلسطيني لا يجب أن يبقى محصورا في البيانات والمواقف الشفهية الرافضة له بل يجب أن يتم من خلال إلزام الكيان الإسرائيلي المحتل بسلسلة خطوات.
واعتبر المجلس أن هذه الخطوات تتمثل في الوقف الفوري للعدوان والقصف والتدمير والقتل ورفع حصار الاحتلال الإسرائيلي عن غزة وضمان تدفق الإغاثة إلى كامل أحياء القطاع والسماح بدخول المنظمات الدولية الإغاثية إليه.
وأشار إلى أن من بين الخطوات المطلوب تنفيذها على أرض الواقع إعادة تشغيل المستشفيات والمراكز الصحية وسرعة تأهيل البنية التحتية الأساسية والسماح بعودة الحياة وتنقل المواطنين الفلسطينيين في كل الاتجاهات داخل قطاع غزة.
ودعا المجلس إلى سرعة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2720 (2023) واتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسع وأمن ودون عوائق إلى القطاع.
كما طالب بتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية مرحبا بتعيين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيخريد كاخ داعيا إلى تمكينها من أداء مهامها تنفيذا لقرار مجلس الأمن.
ودان المجلس في الوقت نفسه تصاعد جرائم الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة بما فيها التدمير المنهجي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين وبنيتها التحتية بقصد إعادة تهجيرهم وطمس قضيتهم.
كما دان الاقتحامات اليومية لعشرات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وهدم المنازل وإرهاب المستوطنين وقتل وإصابة الفلسطينيين واعتقال الآلاف منهم في ظروف غير إنسانية.
وأكد المجلس رفضه حصار الاحتلال المفروض على المسجد الأقصى المبارك لأكثر من 100 يوم والذي يشمل تقويض حرية العبادة في المسجد ومنع المصلين من الدخول إليه واستباحته واقتحامه وتدنيسه وتخريب محتوياته من قبل أفواج المستوطنين.
واستنكر المجلس إقامة الكيان الإسرائيلي المحتل طقوس (تلمودية) في المسجد الأقصى وتصاعد سياسات التهويد وهيمنة الاحتلال على مدينة القدس المحتلة محذرا من أن هذه السياسات والممارسات العدوانية من شأنها استفزاز مشاعر الأمة الإسلامية وإذكاء الصراع الديني وتؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار والأمن الإقليميين والدوليين.
وأكد المجلس دعم الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس مشددا على أن المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 ألف متر مربع وهو مكان عبادة خالص للمسلمين خاصة.
وأشار المجلس إلى أن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة الشرعية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك وصيانته وتنظيم الدخول إليه داعيا إلى دعم دور لجنة القدس ووكالة بيت مال القدس والجهود المصرية والجزائرية المبذولة لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.

وطالب مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورته غير العادية التي عقدت برئاسة المغرب الدول التي ما زالت تقدم أو تصدر أسلحة وذخائر إلى الكيان المحتل يستخدمها في قتل المدنيين الفلسطينيين وتدمير بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومساجدهم وكنائسهم وبنيتهم التحتية أن تتوقف عن ذلك حتى لا تعتبر شريكة في المسؤولية عن تلك الجرائم.
وحث الدول التي لديها مواطنون مشاركون في جيش الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية لمحاسبتهم ومنعهم من ذلك.
وأعرب المجلس عن تقديره للجهود القانونية التي تقوم بها دولة جنوب إفريقيا ومقاضاتها للكيان الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية لعدم وفائه بالتزاماته باتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني ومعاقبته على ذلك.
وحث الدول المحبة للسلام والمتمسكة بالقانون الدولي على سرعة الانضمام إلى تلك الجهود والمبادرات القانونية مرحبا بإعلان رئيس المجلس الرئاسي الليبي انضمام ليبيا إلى الفريق القانوني لمقاضاة الكيان المحتل على انتهاكاته ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
كما أعرب المجلس عن تقديره للدول التي أحالت الوضع في فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية وحث الدول الحريصة على إنصاف الضحايا وعدم إفلات الجاني من العقاب على تقديم المزيد من الإحالات للوضع في فلسطين إلى المحكمة.
كما دعا آليات العدالة الدولية إلى سرعة التحقيق والبت في القضايا والإحالات والإجراءات والشكاوى المرفوعة أمامها على أساس “مهني قانوني شريف دون أي اعتبارات سياسية”.
وحث المنظمات الحقوقية واتحادات ونقابات المحامين العربية والدولية على رفع قضايا ضد مرتكبي جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في المحاكم الدولية والوطنية داعيا الدول إلى وضع منظمات المستوطنين على قوائم الإرهاب لديها ومنع دخولهم إلى أراضيها.
على صعيد متصل دان المجلس اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة على الأراضي اللبنانية والسورية وأحدثها العدوان الذي استهدف أحد الأحياء السكنية بدمشق السبت الماضي باعتباره “اعتداء على سيادة سوريا وتهديدا لأمن مواطنيها وللسلم والأمن الإقليمي والدولي”.
وأكد أن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة هو نيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتمكين فلسطين من ممارسة سيادتها الكاملة على أرضها والشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف.
وأبرز المجلس أهمية دعم الجهود المشتركة القطرية – المصرية الرامية إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم وإعادة الحياة إلى طبيعتها في قطاع غزة.
وأكد الدعم لكل ما تتخذه مصر من خطوات لمواجهة تبعات عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكاف وتأييد خطواتها التي تتخذها دفاعا عن أمنها القومي “الذي هو جزء أساسي من الأمن القومي العربي”.
ورحب المجلس بجهود الجزائر بصفتها العضو العربي غير الدائم في مجلس الأمن ودعوتها لعقد جلسة علنية طارئة لمجلس الأمن لوقف التهجير القسري في قطاع غزة والتنويه بالإجماع في الجلسة حول “رفض سياسة التهجير القسري”.
وثمن أيضا جهود الإمارات التي بذلت خلال فترة عضويتها الممتدة من 2022 إلى 2023 بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن في متابعة تطورات القضية الفلسطينية واعتماد القرارين 2712 (2023) و2720 (2023).
وطالب المجلس بتشكيل لجنة مؤقتة مفتوحة العضوية من المندوبين الدائمين والأمانة العامة لدراسة إجراءات عربية يمكن القيام بها على المستويات القانونية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية لتفعيل وتنفيذ مضامين هذا القرار وإصدار تقريرها وتعميمه على الدول الأعضاء خلال أسبوع من تاريخه.
كما دعا مجالس السفراء العرب وبعثات جامعة الدول العربية في الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الى التحرك العاجل بالزيارات والاتصالات والرسائل لنقل مضامين هذا القرار والعمل بموجبها.
وطلب المجلس كذلك من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط متابعة تنفيذ هذا القرار ورفع تقرير بذلك إلى الدورة القادمة لمجلس الجامعة.