العالم يتوحد ضد «السوبر ليج»

فجأة وبلا مقدمات وجد مجتمع كرة القدم العالمي نفسه امام معركة رياضية كونية اطرافها قوى عظمى من اندية الصفوة الاوروبية الكبرى، ومنظمات السيادة الكروية في العالم ممثلة بالفيفا والاتحاد الاوروبي ، معركة من شأنها ان ترسم مستقبلا مظلما ومغايرا للواقع الحالي في ظل التشبث الصارم بالمواقف بين الاطراف.

تسارعت الاحداث وتواترت المواقف منذ اعلان 12 ناديا من إنجلترا وإيطاليا وإسبانيا وهي برشلونة، ريال مدريد، أتلتيكو مدريد، يوفنتوس، ميلان، إنتر، مانشستر سيتي، يونايتد، تشيلسي، ليفربول، توتنهام، آرسنال ، عن اطلاق بطولة جديدة باسم السوبرليج وهو ما اعتبر انقلابا على بطولة دوري ابطال اوروبا ، هذا الاعلان المفاجئ ادى لتوحد المواقف عالميا ضد مشروع السوبر ليج ، وكانت البداية من اليويفا الذي تبنى موقفا حاسما وصارما من البداية ، ” إنه مشروع مخجل وأناني، يتعارض مع ما ينبغي أن تكون عليه كرة القدم.. إنه صفعة لقيم كرة القدم والمجتمع بأسره، لن نسمح أبدًا لمشروع مثل هذا بالبدء”.هكذا علق رئيس اليويفا الكسندر سوفرين على اعلان مشروع السوبرليج، بل انه زاد بالقول انه ستتم معاقبة الاندية التي ستشارك في هذا الدوري بحرمانها من لعب البطولات المحلية وحرمان لاعبيها من المشاركة مع منتخباتهم في كأس العالم والتصفيات .

التحالف ضد عصبة ال١٢ ناديا اخذ منحنى تصاعديا تضامنت فيه الحكومات واتحادات كرة القدم في ايطاليا واسبانيا وانجلترا مع موقف اليويفا والفيفا ، وهو ما يعقد الامور بالنسبة للعصبة التي تضع مصالحها فوق اية اعتبارات اخرى وخاصة المصالح المادية التي تضررت بفعل جائحة كورونا وكانت سببا رئيسيا في تحالفها ، فالاغراءات المادية التي تقف خلف السوبر ليج يسيل لها اللعاب بالمقارنة مع عائدات الاندية في دوري ابطال اوروبا، فقد خصص بنك “جي.بي مورجان” الأمريكي، الراعي للبطولة الجديدة، 3.5 مليار يورو لتوزيعها على الأندية المشاركة.وسيحصل النادي المتوج بلقب دوري السوبر على 400 مليون يورو، مقارنة بـ120 مليون يورو كحد أقصى، يحصل عليها الفائز بدوري الأبطال.وهناك 1.95 مليار يورو سيتم تسليم 488 مليون يورو منها (25%)، كدفعة أولية، فيما ستوزع 585 مليونا أخرى بناء على النتائج.وتشير تقارير أخرى إلى أن 30% من الأموال، ستدفع على أساس معامل النادي، الذي تحقق على مدى آخر 10 سنوات، وهذا يترك 292 مليون يورو (15%) سيتم إنفاقها في جوانب أخرى.

كما أن هناك اعتقادا بأن عائدات البث التليفزيوني، قد تصل إلى 10 مليارات يورو، وهو مبلغ لم يستطع يويفا الوصول إليه مطلقًا من دوري الأبطال.

وبالنظر إلى ما يحصل عليه الفائز بدوري الأبطال، كل موسم، فإن الفارق سيكون ضخمًا لصالح دوري السوبر، حيث لا يحصل البطل على أكثر من 83 مليون يورو من يويفا.

فعلى سبيل المثال، نال بايرن ميونخ، بطل النسخة الماضية، حوالي 82.5 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، بعد تتويجه باللقب.

هذا المنظور المالي المحفز لعصبة ال١٢ لم يكن كافيا لاقناع العالم باسباب المشروع ، فكرة القدم وجدت بفضل الفقراء ولا يقبل ان يسرقها الاغنياء ، هكذا ينظر العالم للعبة ، ولذلك بادر رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون برفض مشروع عصبة ال ١٢ واعتبره مشروعا مدمرا لكرة القدم وهو نفس الامر الذي تبناه الرئيس الفرنسي ماكرون الذي اكد دعمه للاندية الفرنسية الرافضة للمشاركة بالمشروع .

ولاحقا اكد وزير الرياضة في انجلترا اوليفر دون انه سيتصدى لمشروع السوبرليج وان الحكومة البريطانية لن تتوانى عن حماية كرة القدم .

واتسعت رقعة المعارضين للسوبر ليج في العالم سواء على مستوى مدربي ونجوم عالميين سابقين ففي انجلترا هاجم نجم مانشستر يونايتد السابق جاري نيفيل الاندية الانجليزية المنضمة لعصبة ال١٢ وقال انه يشعر بالقرف منها ، وحتى بيب جوارديولا مدرب مانشستر سيتي المشارك بعصبة ال١٢ انتقد المشروع وقال لايمكننا التخلي عن الدوريات المحلية بل علينا دعمها وتعزيزها .

وكذلك تحدث يورجين كلوب مدرب ليفربول معارضا للمشروع وقال ان اراءه لم تتغير بهذا الشأن.

وفي اطار موازٍ وفي تحد لخطط إطلاق مشروع السوبر ليج اعلن الاتحاد الأوروبي اليوم زيادة عدد الفرق المشاركة في دوري أبطال أوروبا من 32 إلى 36 فريقًا اعتبارا من عام 2024.

وتقضي الإصلاحات في دوري الأبطال بمنح الفرق المزيد من المباريات في دور المجموعات.ومن المقرر أن تضاف 100 مباراة للبطولة التي ستشهد وضع جميع الفرق في مجموعة واحدة وسيخوض كل فريق 10 مباريات أمام فرق أخرى يحددها التصنيف، فيما يعرف باسم “النموذج السويسري”، بعدها تنطلق منافسات الأدوار الإقصائية.

 

وقد تولدت فكرة دوري السوبر ليج منذ العام الماضي مع ظهور تقارير إعلامية عن وثيقة توضح خطط إنشاء دوري من 20 ناديا يضم قطبي إسبانيا ريال مدريد وبرشلونة.

وفي أكتوبر ٢٠٢٠، قال جوسيب ماريا بارتوميو رئيس برشلونة في ذلك الوقت إن النادي وافق على مقترح بالانضمام إلى مسابقة انفصالية.

وفي يناير من العام الحالي، كشف خافيير تيباس رئيس رابطة الدوري الإسباني بأن ريال مدريد وبرشلونة ومانشستر يونايتد وليفربول يقودون الجهود وراء المشروع، مضيفا أن الخطط تواجه معارضة تامة من أندية أخرى في إسبانيا والعالم.

 

وبسبب هذه التقارير، أصدر الفيفا واليويفا تحذيرا وقتها بأنه سيمنع أي لاعب يشارك في مسابقة انفصالية من اللعب في كأس العالم وبطولة أوروبا.

فكيف ستنتهي معركة العالم ضد عصبة ال ١٢ ومن سيتنازل في نهاية المطاف ، وهل ستكسب كرة القدم ام ينتصر نفوذ المال؟