لبنان.. الطائفية تنتصر وأديب يعتذر.. وماكرون: خيانة جماعية

أعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف بتشكيل الحكومة، مصطفى أديب، تنحيه عن منصبه، وذلك لأن “التوافق لم يعد قائما” وفقا لما صرح به من قصر بعبدا في بيروت. وعقب لقاء مع الرئيس ميشال عون، اعتذر أديب عن إمكانية تشكيل حكومة، بعد مساع كثيرة مع الأطراف المختلفة في البلاد ووسط خلافات على توزيع حقائب وزارية.
وياتي التنحي بعد شهر من تولي أديب المنصب في ظل ضغوط فرنسية على زعماء لبنان للتكاتف حتى تخرج البلاد من أسوأ أزمة تمر بها منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.
وكان أديب، السفير السابق لدى برلين، قد كُلف بتشكيل حكومة في 31 أغسطس، وحاول تشكيل حكومة اختصاصيين في بلد تتقاسم فيه الطوائف المسلمة والمسيحية السلطة وتنقسم الولاءات السياسية على خطوط طائفية.
لكن جهوده راحت سدى بسبب خلاف على الحقائب الوزارية خاصة وزارة المالية التي سيكون لمن يقودها دور حيوي في وضع برنامج لانتشال لبنان من الأزمة الاقتصادية الطاحنة.
ومع تكوم جبل من الدين العام، أصيبت المصارف اللبنانية بالشلل وتراجعت قيمة العملة المحلية تراجعا حادا.
وتعثرت هذا العام محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ ضرورية. وستكون أول مهمة لدى الحكومة الجديدة بعد تشكيلها استئناف تلك المفاوضات.
وبعد الاجتماع بالرئيس ميشال عون، قال أديب، وهو سني بموجب نظام المحاصصة الطائفية “مع وصول المجهود لتشكيل الحكومة إلى مراحله الأخيرة، تبين لي بأن هذا التوافق الذي على أساسه قبلت هذه المهمة الوطنية في هذا الظرف الصعب من تاريخ لبنان لم يعد قائما، “وبما أن تشكيلة بالمواصفات التي وضعتها باتت محكومة سلفا بالفشل، وحرصا مني على الوحدة الوطنية بدستوريتها وميثاقيتها، فإني أعتذر عن متابعة مهمة تشكيل الحكومة، متمنيا لمن سيتم اختياره للمهمة الشاقة من بعدي وللذين سيختارونه كامل التوافيق في مواجهة الأخطار الداهمة المحدقة ببلدنا وشعبنا واقتصادنا”.
من ناحيته، ‎قال الرئيس اللبناني، ميشال عون، السبت، إن المبادرة التي أطلقها نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن تشكيل الحكومة “لا تزال مستمرة”.
ولم يخف رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري استياءه البالغ بعد تنحي رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة، وحذر جميع من يشمتون ويصفقون لهذا الفشل.
وفي بيان صدر عن مكتبه أمس السبت، قال الحريري إن اعتذار أديب عن تشكيل الحكومة يعتبر نموذجًا شديد الوضوح يكشف عن حجم إخفاق القوى السياسية في التعاطي مع أولوية قصوى للشعب اللبناني، وإهدار المصلحة الوطنية
وأعرب عن تخوفه البالغ من سقوط مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وانعكاس ذلك على تردي الوضع الداخلي في لبنان بصورة أفدح.
وفي لهجة تحذيرية للساعين لإفشال المبادرة الفرنسية، أضاف “الحريري”: ستعضون أصابعكم ندمًا على فقد صديق يعتبر من الأوفى لبلانا.
وأشار إلى أن ذهاب هذه الفرصة التي لن تتكرر لمنع تفاقم السقوط المحدق بالاقتصاد اللبناني، سيكون له تداعيات مؤسفة وغير قابلة للإصلاح.
وشدد “الحريري” على افتضاح المنهج الذي ساق لبنان واللبنانيين إلى الخراب”، وفق تعبيره.
كما اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في بيان أن “اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب أكد المؤكد بأنه لا يمكن التفكير بأي إنقاذ إلا بحكومة مستقلة فعلاً”. وقال “ان تسمية الوزراء من قبل فرقاء المجموعة الحاكمة الحالية أثبت فشله وأدى بالبلاد الى ما أدى إليه”.
وتابع: “لا يمكن التفكير من الآن فصاعدًا بتشكيل أي حكومة إلا انطلاقاً من الأسس التي اعتذر الرئيس أديب بسببها، فتهاني الحارة للرئيس أديب، ولو لم نكن قد سميناه، لأنه أول مسؤول لبناني يستقيل عندما لا يتمكن من ان يترجم قناعاته”.
وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، امس السبت، بعد فشل تشكيل حكومة لبنانية، إن الأحزاب السياسية ارتكبت خيانة جماعية.