دعوة عربية لإنشاء نظام أمن إقليمي في المنطقة
دعا رئيس (مجلس العلاقات العربية والدولية) محمد الصقر أمس الأربعاء الى انشاء نظام امن اقليمي “مناسب وأمثل” للمنطقة العربية وجوارها الإقليمي اخذا في الاعتبار “المطامع والطموحات التوسعية لدول الجوار غير العربية” من خلال اعادة تعريف دقيق وواضح للأمنين الإقليمي والعربي على غرار تجربة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي.
واكد الصقر في كلمة القاها خلال الجلسة الافتتاحية ل(منتدى الامن في الشرق الأوسط) المنعقد في بكين بعنوان (أمن الشرق الأوسط في ظل الوضع الجديد :التحديات والحلول) على ضرورة وضع تصور لعلاقات دول المنطقة بالمنظمات الدولية والتكتلات الدولية والدول الكبرى والقوى الإقليمية وكيفية تنمية الفعاليات وبناء الدفاعات بهذا الخصوص بالاضافة الى تفعيل سياسة فض النزاعات بالمنطقة.
ودعا في هذا الصدد الى الاهتمام والتركيز على نشر الوعي السياسي لدى شعوب المنطقة بشأن مفاهيم المصير المشترك والتكامل الاقتصادي ووحدة وترابط الأمن القومي لإقرار توازن واستقرار امن المنطقة وتفادي استمرار الاضطرابات الداخلية وصراعات القوة بين تلك الدول والمشاجرات والتدخلات بين بعض الدول المتجاورة.
كما دعا الى وضع خطة عمل ترتكز على بذل جهود جماعية منسقة لتحقيق مصالحات عربية – عربية ومصالحات عربية – إقليمية وتغليب سياسة حسن الجوار بين دول المنطقة ووضع تصور لحالة اقتصاداتها ووضع رؤية واضحة للنهوض بها بالاضافة الى نشر الوعي الديني الصحيح ومكافحة التطرف.
ورأى الصقر ان الوضع “الصعب” والأزمات التي تشهدها معظم دول منطقة الشرق الأوسط والتي بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة هي “أزمات شاملة تنال من الأنظمة السياسية واستقرارها ومن سلامة البلدان والعمران ووحدة المجتمعات وتضامنها ومن السكينة الدينية باتجاه التطرف والانكماش ومن التدخلات الإقليمية والدولية التي لا يواجهها أي مظهر من مظاهر الفعالية الباقية في النظامين العربي والإقليمي”.
واضاف “ان هذا الوضع الصعب بقدر ما هو حقيقة مؤسفة هو حقيقة شائكة ومعقدة بأبعادها الكثيرة المتشعبة السياسية والاقتصادية والأيدلوجية وتداعياتها السلبية على الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية بالاضافة الى القضية الفلسطينية وتحقيق الأماني القومية”.
ولفت في السياق ذاته الى ان “هذه الأبعاد والتداعيات ليست وليدة الزمن الذي يعيشه الجيل الحالي أو نتاج حدث معين أو أزمة من الأزمات العابرة التي تواجهها الشعوب أو مشكلة سياسية واحدة بل نتاج تراكمات طويلة بعضها ذو طابع سياسي وبعضها له طابع أيديولوجي”.
ولخص الصقر التحديات التي تمر بها دول المنطقة بالاضطراب السياسي والمجتمعي والأمني في العديد من دول المنطقة بسبب الفشل في إدارة ملفات التنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان واستفحال الصراع الدولي والإقليمي على دول المنطقة وتكالب القوى الطامعة فيها وتحويلها إلى مناطق نفوذ تمهيدا لإعادة تقسيمها ورسم حدودها طبقا لمصالح هذه القوى.
وذكر ان من بين التحديات كذلك “افتقار المنظمات الدولية والإقليمية إلى معايير فض النزاع في المنطقة وسياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها بعض الدول الكبرى مما تسبب في تفاقم المشاكل والصراعات بالمنطقة وعدم الوصول إلى حل دائم وعادل لقضايا المنطقة وعلى رأسها قضية العرب والمسلمين الأولى وهي القضية الفلسطينية”.
من جهة اخرى تطرق الصقر الى ازدياد ظاهرة (التطرف الديني) وتأثيرها الخطير على أمن دول المنطقة ووحدة مجتمعاتها “مما يؤدي إلى شرعنة التدخلات من جانب القوى الدولية والإقليمية واستباحة الموارد وتفتيت الشعوب”.
واعتبر ان انهيار نظام الأمن العربي الجماعي وعجزه عن التصدي لهذه التحديات وتفاقم الخلل في التوازن الاستراتيجي بالمنطقة الى جانب ما اسماه “فجاجة التدخلات الإقليمية والدولية” بذرائع مختلفة في أراضي دول المنطقة والاعتداء على سيادتها وسلامة أراضيها وتهديد نسيجها الاجتماعي وأمن واستقرار مواطنيها.
واعرب عن اسفه لكون ان “الدول الكبرى كلها دون استثناء تتعامل مع قضايا منطقتنا من زاوية مصالحها فقط دون اعتبار حقيقي لمصالح هذه الدول وانها تقيس تلك الدول بمعايير مختلفة تبعا لتلك المصالح” مستعرضا بعض هذه التدخلات التي غيرت مجرى التاريخ في المنطقة.
ويشارك في هذا المنتدى من الكويت اضافة الى الصقر كل من مساعد وزير الخارجية لشؤون آسيا السفير علي السعيد وسفير الكويت لدى الصين سميح حيات ومدير برنامج ماجستير الاقتصاد بجامعة الكويت والعميد المساعد بكلية العلوم الإدارية الدكتور أنور الشريعان الى جانب عدد من كبار مسؤولي وزارة الخارجية.