دمشق، واشنطن – ا ف ب، رويترز – استسلم عشرات المقاتلين من تنظيم «داعش» في الرقة، التي كانت معقلهم الأبرز في سورية، إلى «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) التي باتت على وشك السيطرة على كامل المدينة خلال ساعات.
وبعد إعلان وزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس من واشنطن أن بلاده ستقبل بـ «استسلام» من تبقى من المقاتلين الأجانب في الرقة، أعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن، أمس، عن مغادرة قافلة جيباً خاضعاً للتنظيم، في إطار ترتيب توسط فيه مسؤولون محليون.
وذكر في بيان أنه «تم تنظيم قافلة من الحافلات لمغادرة الرقة في يوم 14 أكتوبر (أمس) بموجب تسوية توسط فيها مجلس الرقة المدني وشيوخ العشائر العربية»، موضحاً ان الهدف من الاتفاق هو «تقليل الخسائر في صفوف المدنيين على يتم استثناء الارهابيين الاجانب في (داعش)»، ما يوحي ان التسوية تتضمن خروج مقاتلين سوريين في صفوف التنظيم.
وأكد التحالف في بيانه انه سيجري التحقق من هوية المغادرين، مشدداً على انه لم يكن جزءا من المفاوضات التي تمخضت عنها هذه التسوية التي رأى أنها «ستضمن سلامة الارواح البريئة وتسمح لـ(قوات سورية الديموقراطية) والتحالف بالتركيز على هزيمة ارهابيي (داعش)».
وقاد «مجلس الرقة المدني» الذي يضم ممثلين عن أبرز عشائر الرقة خلال الأيام القليلة الماضية، محادثات لتوفير ممر آمن لاخراج المدنيين العالقين في آخر نقاط سيطرة التنظيم في مدينة الرقة.
وأكد مصدر عسكري أن الحافلات كانت متوقفة، ظهر أمس، «في إحدى القرى … وسيتم إرسالها لأخذ (الدواعش) ونقلهم لاحقاً باتجاه (محافظة) دير الزور» شرق البلاد.
وجاء الإعلان عن عملية الإجلاء بعد ساعات على تأكيد المرصد السوري لحقوق الانسان أن كل المقاتلين السوريين في التنظيم خرجوا من الرقة مع عائلاتهم، فيما أفاد التحالف أنه «خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية، استسلم نحو مئة إرهابي من تنظيم (الدولة الاسلامية) في الرقة، وتم اخراجهم من المدينة».
وكان مسؤول محلي في محافظة الرقة قال في وقت سابق إن مقاتلين من التنظيم المتطرف في الرقة استسلموا ليل اول من امس الى «قوات سورية الديموقراطية»، مؤكداً أنهم «محليون وليسوا أجانب»، من دون أن يحدد عددهم.
وفيما أكد التحالف أنه «لا يُسمح للمقاتلين الاجانب بمغادرة الرقة»، أعلن ماتيس أنه «إذا استسلم (عناصر التنظيم)، فبالطبع سنقبل باستسلامهم»، لكنّه لفت إلى أن «الأكثر تعصّباً (بينهم) لن يسمحوا بذلك».
وأشار الى ان هؤلاء «يمنعون المدنيين من الفرار الى مواقعنا… وسيقاتلون حتى النهاية».
ورغم أن التحالف أفاد أن عناصر التنظيم المتطرف المتبقين في الرقة هم من السوريين والاجانب، أكد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن خروج «كافة المقاتلين السوريين في التنظيم من الرقة خلال الايام الخمسة الماضية»، مشيراً الى ان عددهم نحو مئتين، و«خرجوا مع عائلاهم» الى جهات غير محددة.
وتحدث عن «مفاوضات بين (قسد) و(داعش) لخروج المقاتلين الاجانب الذين يطالبون بالمغادرة دفعة واحدة باتجاه مناطق سيطرتهم في محافظة دير الزور» في شرق البلاد، وقدر عددهم بـ«150 عنصراً كحد اقصى».
ودفعت المعارك، المستمرة منذ 6 يونيو الماضي، عشرات آلاف المدنيين على الفرار، فيما لا يزال ثمانية آلاف عالقين في المدينة، وفق آخر تقديرات الامم المتحدة.
وأفاد التحالف، أمس، ان نحو 1500 مدني تمكنوا خلال الاسبوع الماضي من الوصول الى مناطق سيطرة «قسد».
ورغم ترجيحات بانتهاء المعارك اليوم، قال الناطق باسم التحالف راين ديلون «ما زلنا نتوقع قتالاً صعباً في الأيام المقبلة ولن نحدد توقيتاً لموعد إلحاق الهزيمة التامة (بداعش) في الرقة».
وعلى جبهة أخرى، استعاد الجيش السوري وحلفاؤه، أمس، السيطرة على مدينة الميادين، أحد آخر ابرز معاقل «داعش» في سورية.
وقال مصدر عسكري ان «وحدات من قواتنا المسلحة بالتعاون مع القوات الرديفة والحليفة تستعيد السيطرة على مدينة الميادين في دير الزور (شرق) وتقضي على أعداد كبيرة من ارهابيي (داعش)»، مشيرا الى القوات الحكومية «تطارد فلول التنظيم الهاربة من المدينة».
وبعد الميادين، تبقى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق آخر معقل للتنظيم المتطرف في شرق سورية.
وتمكن الجيش السوري قبل يومين من قطع الطرق التي تربط الميادين الواقعة في ريف دير الزور الشرقي بمدينة البوكمال. وحوصرت بذلك المدينة من ثلاث جهات، ولم يبق امام «الدواعش» سوى الفرار عبر عبور نهر الفرات باتجاه ضفته الشرقية حيث لا يزال يتواجد التنظيم.
ويسعى الجيش السوري بدعم روسي الى توسيع مناطق سيطرته في محافظة دير الزور التي يسيطر التنظيم على الجزء الأكبر منها منذ العام 2014.
وفي دمشق، أصيب أربعة أشخاص بجروح، أمس، جراء سقوط قذائف هاون على ساحة العباسيين.
من جهة أخرى، اعتبرت روسيا أنّ رفض خبراء الاسلحة الكيماوية التابعين للامم المتحدة أخذ عيّنات خلال زيارتهم الاسبوع الماضي قاعدة الشعيرات الجوية السورية، هو أمر «فاضح».
وتؤكد واشنطن وحلفاؤها أن نظام الرئيس بشار الأسد شنّ من قاعدة الشعيرات هجومًا بغاز السارين على مدينة خان شيخون في ريف إدلب في ابريل.
وتوجه أربعة خبراء الى تلك القاعدة وتحدثوا إلى عسكريين وتحققوا من خطط للطيران «لكنهم لم يأخذوا عينات» من القاعدة، حسب ما قال ميخائيل اوليانوف المسؤول في وزارة الخارجية الروسية خلال اجتماع في الامم المتحدة.
واعتبر اوليانوف أنّ «تحقيقا جادا سيكون ببساطة مستحيلاً من دون عيّنات»، متحدثاً عن «حالة فاضحة».

